Thursday, November 11, 2010

و م 11 مقبرة رمسيس الثالث

ربما كان الدخول إلى و م 11 ممكناً فى الماضى غير الموغل فى القدم لكن غياب المخربشات اليونانية أو اللاتينية داخل المقبرة يوحى بأنه كان مختنقاً بالحطام حتى عهد متأخر فى القرن الثامن عشر. ثم على الأقل قام الرحالة الأوروبيون بزيارة غرفها الأمامية ومنهم جيمس بروس الذي رأى المقبرة فى 1769 وفي 1790 قام بنشر رسم مفرط فى الخيال لعازف هارب مصوراً على جدار الغرفة الجانبية ج د  ولقد لاقى رسمه قبولاً شعبياً فى بريطانيا ومن ثم أصبحت و م 11 تعرف بمقبرة بروس أو مقبرة العازف، وصارت واحدةً من أشهر الآثار فى وادي الملوك ولكن رغم شهرتها لم ينظف معظم المقبرة إلا فى عهد متأخر من القرن التاسع عشر.
واليوم تعد مقبرة رعمسيس الثالث واحدة من أكثر المقابر تمتعاً بالزيارة فى الوادي، ونتيجة لذلك قد تكون مزدحمة وساخنة عندما يملأ الزوار ممراتها كما يفعلون في ساعات منتصف الصباح أيام الآحاد والجمع (عندما تصل مراكب كروز نيل من أسوان فى الأقصر وتأتي الحافلات بالزائرين ليوم واحد من البحر الأحمر). وإذا استطعت أن تحتمل الجماهير فهناك بعض النقوش الساحرة والرسوم التي يمكن رؤيتها.
كان الجزء الأول من المقبرة من مدخلها إلى الممر د 1 من عمل ست ناخت أول ملوك الأسرة العشرين. ولكن عندما اقتحم العمال عن غير قصد المقبرة المجاورة            و م 10 (مقبرة أمنمسس)، ربما فى نفس الوقت الذي توفي فيه ست ناخت ترك العمل ودفن الملك فى و م 14 بدلاً منها. وفى وقت لاحق استأنف ابن ست ناخت رعمسيس الثالث العمل على و م 11 واستولى عليها كمدفن له. وقد حول عماله محور المقبرة حوالي مترين (7 أقدام) غرباً من أجل تفادي و م 10 وواصلوا الحفر في الجبل. والنتيجة كانت واحدة من أطول المقابر فى الوادي .. و م 11 تمتد 188.11 متر (611 قدم) من المدخل إلى النهاية، ولا يفوقها فى الطول سوى و م 20 مقبرة حتشبسوت .. 210 متر ( 682 قدم). أضاف رعمسيس الثالث أيضاً سلسلة من الغرفات الجانبية الصغيرة تنشعب عن الممرين الأولين للمقبرة وهى ملامح لا نجدها فى أى مكان آخر. زعم العالم الإنجليزي الذي عاش فى القرن التاسع عشر جون جاردنر ويلكنسون أنه تحت كل الأرضيات فى هذه الغرف كانت هناك حفرة دفن فيها رمسيس الثالث مسئول البلاط وهذا التصريح العجيب لم يمحص كاملاً أبداً ولكن عندما قام مشروع الرقمنة الأقصري بمسح المقبرة فى 1983 قام بفحص أرضيات العديد من الغرف الجانبية ولم يجد دليلاً على الحفر والأرجح أن الغرف الجانبية كانت بمثابة مخازن صغيرة للمعدات الجنازية وأمتعة المقبرة.
المدخل اليوم يتأتى الدخول إلى المقبرة عبر زوجين من السلالم على شكل حرف L  وليس هناك من جزء أصلي سوى التأليف السفلي من منحدر ودرجة؛ أما السلالم العلوية فقد أضيفت فى 2003 لحماية المقبرة من الفيضان. نجد القرص الشمسي العادي بجعران ورع حوراختي منحوت داخله فوق البوابة. وبصورة فريدة نقشت الجدران الجانبية للمدخل بصورة جميلة ببلاستر برأس بقرة.
الممر ب على الجدار الأيسر (الشرقي) يقف الملك أمام رع حوراختي من ورائه المنظر الافتتاحي- صفحة العنوان "لأنشودة رع يتبعها نصها الذي يمتد على طول هذا الجدار ويستمر على اليمين. هذه المناظر قد أنجزت من أجل ست نخت. على كل جانب من الممر بالقرب من نقطة منتصفه بابان منخفضان يؤديان إلى غرف صغيرة وهذه نحتت وزخرفت من أجل رمسيس الثالث. فى الغرفة الجانبية على اليسار والمخصصة والمعرفة ب أ على الخطة يصور سجلان مناظر الحياة اليومية .. الخبازين وصانعي الجعة والجزارين والطباخين وصانعي الجلود يقومون بحرفهم. مثل هذه المناظر فريدة فى مقبرة ملكية صورها مرسومة بنسب سيئة وبأسلوب يتسم بالعجلة يمكن أن نراها أيضاً فى مقابر الخاصة من نهاية الدولة الحديثة. على الجانب الآخر من الممر غرفة جانبية أخرى ب ب بها نصوص من أنشودة رع على جدرانها الأمامية. على الجدران الأخرى اثنى عشر مركباً شراعياً كل منها بأشرعة مربعة بأنماط تفصيلية.
الممر ج وغرفاته الجانبية تتواصل أنشودة رع على جدران هذا الممر وفي صف من النصوص التى تزين سقفه عبر قمة الجدران اليسرى واليمنى أربعة وسبعون صورة للإله الشمسي. الفصل 151 من كتاب الموتى يظهر بالقرب من نهاية الجدران كما تظهر صور أنوبيس وإيزيس على (الجدار الأيسر) وأنوبيس ونفتيس على (الجدار الأيمن).
هناك ثماني حجرات جانبية منحوتة فى جوانب هذا الممر الطويل كل منها يزدان بمناظر غير عادية وفي أحيان كثيرة فريدة، العديد منها يحتوى على تلميحات إلى كتاب الموتى لكن الأخرى ليس بها صلة دينية واضحة. سأصف الغرفات من اليسار إلى اليمين ومن الأمام إلى الخلف. (فى معظم الحالات سأهمل وصف الجدران الأمامية من الغرف التي لا يستطيع السياح رؤيتها لأن الدرابزين الخشبي وألواح الزجاج قد ركبت فى الممر. (الأول على اليسار الغرفة ج أ) فى السجل العلوي تشخيصات جالسة لفيضان النيل والمحصول (حابى نبرت و رينينوتت). أسفلهم وفي سجل تالف تلفاً شديداً أرباب النيل يقربون القرابين لأرباب على هيئة كوبرا. عبر الممر فى ج ح صفوف من الأعلام تمثل الأرباب العديدة تقف على الجدران اليسرى واليمنى تغطى أسلحة مرسومة رسماً جيداً وجعاب سهام.

الجدار الخلفي. فى ج ب الغرفة الجانبية الثانية على اليسار مواكب أرباب النيل تملأ السجل السفلي فوقها أرباب وربات الأقليم يحملون القرابين بما فى ذلك بط مرسوم رسماً رائعاً وأزهار وصحون متراكمة بجميز مثلوم.
ج ز له جلد نمر وجلود أخرى ومزالج وصناديق على جداره الأيسر لاحظ العناية التى أولاها الفنان لإظهار حبوب الخشب حتى إنه ضمن العقد العرضية والشوائب الأخرى على سطحه عصير والأقواس والدروع والزهريات وبعض التصاميم الإيجية تقف فى صفوف. على الجدار الخلفي الجدار الأيمن مرسوم بعشرة أنياب عاج وصفوف من الزهريات.
في ج ج الغرفة الجانبية الثالثة على اليسار سجلان يحفلان بالأبقار والثيران والمجاديف المقدسة كلها مذكورة فى الفصل 148 من كتاب الموتى. واحدة من الماشية تشار إليها بـ " الأكثر حباً حمراء الشعر،" والثور زوج الأبقار" المجاديف تدعى بمجاديف القيادة السماوية. وعلى مقربة من هذا فى ج و ثلاث سجلات تصور حقول يارو المذكورة فى الفصل 110 من كتاب الموتى الناس يزرعون الحبوب ويحرثون بالماشية ويحصدون وآخرون يبحرون عبر بحيرة القرابين. لسوء الحظ قد دمر الكثير هنا. الغرفة الأخيرة على اليسار ج د تقدم أسماء رعمسيس الثالث وتظهره مع عازفي الهارب (واحد على كل جدار جانبي) أمام أونوريس – شو ورع – حوراختى (الجانب الأيسر) وشو وآتوم (على اليمين) هؤلاء عازفو هارب مشهورون نسخهم جيمس بروس فى القرن الثامن عشر. أخيراً ج هـ  بها صور مرسومة رسماً دقيقاً ولكن تالفة لأوزوريس جالساً وهو يرتدثي ثياباً ضافيةً مخططة بالأحمر والأبيض.
الممر د 1 هي هذه النقطة التي عندها قام عمال محجر ست ناخت باقتحام مقبرة أمنمسس والتخلي عن عملهم، ولا نزال نستطيع رؤية الثقب الحاصل، وهذا ليس المثال الوحيد في وادي الملوك لتصادم المقابر (وم 9 و وم47 مثالان آخران)، وحقيقة أن هذا قد وقع توحي بأنه لم تكن هناك خطة عامة لوادي الملوك وأن الذاكرة التى تعي مواقع المقابر الأولى كانت قصيرة الأمد. عندما قرر رعمسيس الثالث أن يكمل و م 11 كمكان لدفنه كانت هذه هي النقطة التي عندها غيَّر محور المقبرة غرباً قبل مواصلة حفر ممرات جديدة جنوباً. على الجدار الأيسر (الشرقي) من الفضاء الحاصل حتى ذلك الحين يقف رعمسيس الثالث مرتدياً تاج مصر الدنيا يقرب البخور للإله آتوم وبعد ذلك لبتاح. على الجدار الأمامي يقدم الملك الواقف بخورا أمام صورة جالسة لبتاح – سوكر – أوزوريس هو يمسك بثلاثة أوعية ضافية ويسمح بمحتوياتها لأن تنسكب على منصة منخفضة عليها يجلس الإله. على الجدار الأيمن (غرباً) يقدم الملك التُميثيل الصغير لماعت إلى أوزوريس وقرباناً سائلاً لأنوبيس.


الممر د 2 لاحظْ كيف أن الأرضية ترتفع قليلاُ هنا ويميل الممر بزاوية طفيفة إلى اليسار. هى إشارات إلى أن عمال المحجر لم يكونوا واثقين من القرب الشديد من مقبرة أمنمسس. كلا الجدران اليسري واليمني من الممر مزخرفة بنصوص من الأمدوات؛ الساعة الرابعة على الجدار الأيسر والخامسة على الأيمن لاحظ أنه في منتصف الطريق على طول الجدار الأيسر القارب ثعباني الشكل وبعده ثعبان كبير بأربعة أرجل وثلاث رؤوس، على الجدار الأيمن يُسحب قارب يحمل رع حوراختى وثمانية صور أخرى نحو العالم الأخر.
الغرفة هـ غرفة البئر بها صور لعدة أرباب على طول الجزء العلوي من جدرانها. في نصف الغرفة الأيسر يقف أوزوريس وام سيتي وأنوبيس ودواموتيف وإيزيس ويونوموتيف. فى النصف الأيمن يقف أوزوريس وحابى وقبح-سنو-إف ونفتيس وسرقت ويون موتيف.
الغرفة و هذه الغرفة الرباعية الأعمدة مزخرفة بكتاب البوابات، الساعة الخامسة في النصف الأيسر (الشرقي) من الغرفة، الساعة السادسة فى الأيمن (الغربي). على الجدار الخلفي منظر مزدوج مألوف يُظهر الملك وهو يقدم القربان لأوزوريس. يقدم رعمسيس الثالث إلى عدة أرباب على كل وجه من الأعمدة الأربعة .. إلى بتاح (الوجه الأيمن من العامود الأمامي الأيسر) ، رع حوراختى (الوجه الخلفي من العامود الأيسر الأمامي) ، خبري (الوجه الأيسر من العامود الأمامي الأيمن)، آتوم (على الوجه الخلفي من العامود الأمامي الأيمن)، جحوتي (الوجه الأيمن من العامود الخلفي الأيسر)، جب ( الوجه الخلفي من العامود الخلفي الأيسر) ، شبسي (الوجه الأيسر من العامود الخلفي الأيمن)، نفر توم ( الوجه الخلفي من العامود الخلفي الأيمن).

الغرفة الجانبية و أ بها مناظر تميز زخارف وم 11 الساطعة. على الجدار الأمامي يقوم جحوتى وحورس بقيادة رعمسيس الثالث (على الجانب الأيسر) ويقدم ماعت لأوزوريس (على اليمين). تُظهر الجدران الأخرى الساعة السابعة من كتاب البوابات وتتضمن صورا صغيرة لطيفة لرجال يعالجون مناجل أو يقفون بجانب أشجار يضمنون الزاد المتواصل فى الحياة الأخرى.
على الجدار الخلفي أعداء الرب الشمسي مقيدون بـ "أوتاد جب" "الأسود ذي رأس أنوبيس بحيث لا يستطيعون تهديد الرب".
الممرات والغرف J- H-IJ  الغرف الجانبية JA DK و L لا نجد غرفة واحدة من هذه الغرف محفوظة بصور تكفي لكى يستحق وصفاً تفصيلياً. فى الأصل كانت بها مناظر ونصوص من شعيرة فتح الفم، كتاب الموتى الفصل 148، كتاب البقرة السماوية والساعة الخامسة من كتاب البوابات. الممرات تستحق نظرة إذا كان المرء مهتماً بجيولوجيا وادي الملوك ويريد أن يرى كيف يمكن أن تصل القاعدة الصخرية إلى حالة سيئة وأحياناً خطيرة فى الوادي.

مصر: الجغرافيا والتاريخ الطبيعي بقلم البروفيسور كنت ويكس ترجمة سفير اللغة العربية أحمد صديق

انقسم صعيد مصر- المتمثل في وادي النيل من أسوان عند الشلال الأول إلى شمال اللشت، بالقرب من مدخل الفيوم - في عصر الأسر الحاكمة إلى اثنين وعشرين مقاطعة إدارية سماها قدماء المصريين سبات، وعرفها الإغريق بأقاليم. والأقاليم تختلف كثيرا في الحجم والثروة بحسب ما تملك من الأراضي الزراعية والموارد الطبيعية الكامنة على مقربة منها. فالإقليم الأول في أسوان، على سبيل المثال، كان غنيا بأحجار البناء، واستفاد من الذهب على الحدود مع أراضي النوبة. والإقليمان الثاني والثالث وعاصمتاهما إدفو ومدينة الصقر على التوالي، ليس لديهما من الموارد سوى الأراضي الزراعية. أما الإقليم الرابع، ومقره في الأقصر واسمه بالمصرية القديمة واست، فهو غني بالأراضي الزراعية، إلى جانب جبال من الحجر الجيري، وهو قريب من الطرق التجارية الموصلة إلى الواحات في الصحراء الغربية، ومناجم الذهب والرواسب المعدنية في الصحراء الشرقية، والأودية المؤدية إلى البحر الأحمر.
ولكن الأقصر لم تكن غنية بالموارد الطبيعية وحدها. فإن ما جعل الأقصر تطيب كعاصمة لمصر في المملكة الحديثة هو شعبها: شعب مستقل، روحه وثابة، وله مهارة عسكرية، كما كان شعبا مخلصا كل الإخلاص ومتفانيا كل التفاني في ولائه لإله الإقليم المعروف بآمون، والذي كانت عبادته عاملا قويا في غرس تلك الصفات الحميدة. والأقصر التي لم تكن أكثر من مجرد قرية، أكواخها من الطوب اللبن، أيام الدولة القديمة، أصبحت بقدوم الدولة الحديثة أغنى وأقوى مدينة في العالم القديم، تضم أعظم الهياكل الدينية، وأروع المقابر والقصور التي بنيت على مر العصور والدهور.
إن ضفاف نهر النيل في الأقصر واسعة، تمتد أكثر من مسافة ثلاثة كيلومترات إلى الشرق والغرب. في الصيف من كل عام، يرتفع نهر النيل ويفيض على الضفاف، فيغمر وادي النهر من عشرين إلى ثلاثين سنتيمترا (ثمانية إلى اثني عشر بوصات) من المياه لنحو ستة أسابيع في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر. هذه المياه كانت تحمل الطمي أو الغرين الغني بالمغذيات التي ترسبت حين تباطأت مياه الفيضان، تاركة وراءها كل عام ملليمترا آخر من التربة الغنية، حاملة ما تراكم من الأملاح. ومع انحسار الماء، كانت البذور تنثر عبر الحقول المروية، وبعد فترة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر تكون المحاصيل على استعداد لموسم الحصاد. فلا غرابة إذن إذا راع هذا المشهد الزوار من اليونانيين القدماء، بحيث أصبحوا على يقين بأن الأرباب قد باركت لجميع المصريين من دون العالمين، فلم تبدُ الزراعة في أي مكان في العالم القديم سهلة سهولتها في مصر.
ولما كان وادي النيل غنيا بكونه في مستوى الفيضان، فقد أخرج من الثمرات الكثير من الفواكه والخضروات، ولكنها من حيث التنوع محدودة نوعا ما. فالعلَس والشعير من الحبوب الرئيسية التي كانت تستخدم في صنع الخبز والجعة. (و لأسباب لا تزال غير واضحة، لم يظهر القمح قبل العصر اليوناني الروماني.) كما زرعوا الكراث والبصل والثوم، وكذلك العدس والحمص والفول والخس، وفي وقت متأخر من المملكة الحديثة، زرعوا الزيتون والتمور، والتين، وتين الجميز، والرمان، وأنواع البطيخ المختلفة، والسمسم والقرطم (للزيت)، وبعض الأعشاب والتوابل. ومن الأعناب صنع العديد من أصناف النبيذ. (النبيذ الأحمر هو من المشروبات المفضلة في المملكة القديمة، أما النبيذ الأبيض فكان المفضل في المملكة الحديثة.) وكان الأسلوب الوحيد المتاح للتحلية هو العسل. وربيت الماشية من أجل اللحوم والحليب؛ و كانت الأغنام والماعز والأرانب والخنازير شائعة، وشملت الطيور المتاحة عندهم البط والإوز والحمام والسمان دون الدجاج. أما صيد الأسماك و الطيور الذي كثيرا ما صورته اللوحات الجدارية على المقابر فقد كان مكملا لمصادر الغذاء المستأنسة. ومن زراعة الكتان جاءت صناعة المنسوجات الكتانية. أما الحدائق الحافلة بالزهور فكانت عامة بين معظم طبقات المجتمع. الكثير من الأطعمة التي نظن أن الإنسان عرفها منذ الأزل، مثل البطاطس، والطماطم، والذرة، والحمضيات، والسكر، لم تكن معروفة، وبالتأكيد لم تدخل مصر لعدة آلاف من السنين. فالأرز وجاموس الماء لم يكونا معروفين حتى القرن الرابع عشر الميلادي.
جاءت الزراعة إلى مصر من الشرق الأدنى القديم حوالي 5000 قبل الميلاد، و كان أول ظهور لها حول الفيوم، ثم تحركت جنوبا حتى وصلت إلى منطقة الأقصر بعد ألف عام تقريبا. ولا نعرف شيئا يذكر عن التطور الذي طرأ عليها هناك حتى مقدم المملكة الحديثة. فهناك تقدم لنا الأقصر نخبة رائعة من النصوص ولوحات المقابر تفصّل جوانب عديدة من الدورة الزراعية. على سبيل المثال، تمكنا من تتبع مسار أسعار السلع الأساسية خلال عصر الرعامسة؛ فضلا عن آليات حيازة الأراضي والمحاصيل الزراعية، والشحن والتخزين، وإعادة توزيع المواد الغذائية. فلوحات المقابر كتلك التي عثر عليها في ضريح نخت (ت. ت. 52)، تظهر تقنيات الحرث، والبذر، والري، والحصاد، والدرس، وتخزين المحاصيل.

طالما جاء فيضان النيل على نحو ليس بمنخفض جدا ولا مرتفع جدا، نمت في وفرة المحاصيل، وكثيرا ما ينتج فائض كبير. ولقد تبين نمط الفيضان الصيفى الذي ميز عصر الأسر الحاكمة حوالي 12،000 قبل الميلاد ولكن خلال آلاف السنين التي تلت، فاض "وايلد نايلز" أو النيل الهائج وأدى إلى غمر الوادي بعدة أمتار من المياه في بعض السنوات، وبالكاد سنتيمتر أو اثنين في سنين أخرى. في عصر الأسر الحاكمة، بذلت جهود من أجل التتبع والتنبؤ بفيضان النيل، فبنيت مقاييس للنيل في أماكن مختلفة على طول النهر لرصد الارتفاع. إذ كانت هذه المعلومات بالغة الأهمية: ففي عدة مرات في تاريخ الأسر الحاكمة لم تكن الفيضانات كافية لنمو المحاصيل بصورة وافية وكانت النتيجة هي المجاعة. وفي أوقات أخرى، أحدث ارتفاع الفيضانات دمارا، حطم السدود والقنوات، والقرى. ولنضرب مثلا، في عهد رعمسيس الثالث، توالت سلسلة من الفيضانات المنخفضة جلبت سنوات من الفوضى الاجتماعية والاقتصادية.
كان ترسب الغرين السنوي لنهر النيل الأثقل والأكثف على طول ضفاف النهر، وأقل من ذلك كلما اقتربت المياه من حافة الصحراء. وكانت النتيجة أن وادي النيل أخذ تدريجيا شكل شريحة محدبة. كان اختيار السدود على طول النهر خيارا منطقيا كموقع لبناء المستوطنات إذ إن ارتفاع الأرض هناك عادة ما جعلها في مأمن من الفيضانات وغير صالحة لزراعة المحاصيل. و مع ذلك، بمرور الوقت، هجرت هذه القرى التي بنيت من الطوب اللبن هنا أو على تلال صغيرة ضمن حدود الفيضان أو دمرتها الفيضانات العالية، و من ثم انطمرت المستوطنات في نهاية المطاف في أعماق تحت طبقات من الطمي. هذا هو السبب في أن علماء الآثار حتى اليوم لا يعرفون سوى القليل نسبيا عن العمارة المنزلية في مصر القديمة بينما يحيطون علما بالكثير عن العمارة الدينية والجنازية. نحتت من الحجر المقابر، التي أُعِدّت بنْيَتها بنيّة الخلود، في الأودية الصحراوية الجافة حيث يمكن ضمان الحفاظ عليها. أما المعابد، فقد بنيت من الحجارة العادية، ولكن لأنها تحتاج إلى مداخل بحيث يمكن الوصول إليها، أقيمت على الأراضي الصحراوية قرب حافة الزراعة. وهي بصفة عامة صمدت على طول الزمن أيضا، على الرغم من أن العديد من ملحقاتها، لكونها عادة من الطوب اللبن، لم تصمد.
ترتفع منحدرات الحجر الضخمة بالقرب من حافة حقول الزراعة على الضفة الغربية في الأقصر، و في تلك التلال حفرت القبور الملكية وقبور الخاصة، لكن الحجر الجيري لم يستخدم لبناء المعابد. فالمعابد شيدت من الحجر الرملي الذي كان لا بد من جره من المحاجر مثل جبل السلسلة، على بعد 140كم إلى الجنوب. كما تم نقل الغرانيت من أسوان، والبازلت من تلال البحر الأحمر، و المرمر من الصحراء الغربية، إلى الأقصر لبناء المداخل و الأعتاب والمسلات، والتماثيل. وكانت الصحاري أيضا مصدرا للمجوهرات والأحجار الداخلية (للتطعيم)، فأنتجت الفيروز، والذهب، واليشب، والغالينا، والملكيت، والزمرد، والجمشت واللازورد، وغيرها.
تميز المصريون بالقدرة الفائقة على رصد العالم الطبيعي ووصفه بانتظام على جدران المقابر. ونظرا لموقع مصر في شمال شرق أفريقيا، على مفترق طرق تصل عدة مناطق طبيعية، فقد سكنها دائما العديد من أنواع الحيوان. و يمكننا إلى حد كبير إعادة بناء البيئة الطبيعية في الأقصر في المملكة الحديثة بدرجة عالية من التفاصيل من لوحات الطبيعة التي رسمها الفنان بدقة والتي نجدها في المقابر الخاصة في الأقصر. بذل الفنانون المصريون، الذين من المفترض أنهم كانوا يباشرون عملهم من كتاب يشبه دليل الفنان، جهودا فائقة بحيث مثلوا بوضوح الأنواع الفرعية من أنواع النباتات والحيوانات. على سبيل المثال، ميزت لوحات من الرفرافات بدقة متميزة بين الطائر صياد السمك العادي وصياد السمك المبقع. السمات الخاصة بالبجع الأبيض هي مختلفة عن تلك المستمدة من البجع الدلماسية. هذه الدقة يمكن رؤيتها أيضا في تمثيل أسماك النيل والحيوانات البرية والمدجنة، والزهور، والأعشاب، والأشجار.

لا يزال وادي النيل حتى يومنا هذا مكانا جميلا وساحرا، وينبغي للمرء أن يأخذ وقتا للتمتع بسماته العديدة. أشياء قليلة جدا تحاكي لطف الإبحار في وقت الشروق على طول الضفة الغربية للنهر. هناك، لا سيما في الخريف أثناء موسم الهجرة السنوية إلى الجنوب، يمكن أن نرى العشرات من أنواع الطيور، من طيور مالك الحزين والبجعات وآكلات النحل، و طيور أبي تمرة. فإنه ليس من غير المألوف على مساء تشرين الثاني/نوفمبر رؤية أسراب من الطيور قوامها ألف أو أكثر تحلق على ارتفاع منخفض عبر الحقول، باحثة عن مكان لقضاء الليل.
والمشي، أو ركوب الخيل والجمال والحمير، عبر حقول الضفة الغربية على نفس القدر من المتعة، وخاصة في فصل الشتاء البارد وبعد الظهر. صحيح أن المحاصيل مختلفة اليوم عما كانت عليه في العصور القديمة، وبطبيعة الحال، يسود قصب السكر والقمح، ولكن التجربة في مجملها هي نفسها تقريبا. كل شيء هادئ باستثناء دعوة طائر أو نهيق حمار من بعيد؛ و الهواء النقي المنعش يحمل رائحة ريحان رقيقة؛ نفث من الغبار الدقيق يرتفع من طريق قريب بينما يهرول حمار غاب عنه صاحبه على طول الطريق المألوف عائدا إلى بيته. أشجار النخيل وقمم التلال البعيدة ترتفع فوق الحقول و هبّات من الدخان ترتفع من أفران الخبز بالقرية. نزهة المشاة على طول الحقول الواسعة المؤدية إلى القرى الصغيرة المبنية بالطوب اللين هي تجربة ليستمتع به.
ما زال جزء كبير من الضفة الغربية يحتفظ بطابعه الرعوي، على الرغم من انتشار المباني الجديدة من الطوب الأحمر والخرسانة، والأطباق اللاقطة للأقمار الصناعية، والمحلات السياحية، والطرق المعبدة على طول النيل، وأبعد من ذلك في غرب حافة الصحراء. ومن ثم، بمضيّ خمس أو عشر سنوات، سيكون طابع الضفة الغربية قد اختفى، وساعتها سينبغي على المرء السفر خارج مدينة الاقصر السياحية إلى منطقة ريفية ليتمتع بريف مصر. هذه التغيرات قد طالت الضفة الشرقية بالفعل. فالأقصر اليوم مدينة صاخبة امتلأت بالفنادق السياحية، والأسواق المبهرجة، والمقاهي التي تغلب عليها أصوات الموسيقى الشعبية في الشوارع المزدحمة. الأطفال يصرخون، ويُصرون على بيع الحلي الرخيصة للسياح. لدينا إحصائان يلخصان القضية: قبل ثلاثين عاما، كان بالأقصر شارعان معبدان أما اليوم فجميع الشوارع معبدة. قبل عشرين عاما، كانت الأقصر تتباهى بخمس سيارات أجرة واليوم هناك مئات.
نحن نعرف القليل عن تخطيط السهل الذي كونته فيضانات النيل في الأقصر إبان المملكة الحديثة. ومن الممكن تتبع حدود العديد من أحواض الري الطبيعية، ولكن تحديد مكان القرى، والطرق، والقنوات أمر حدسي وتخميني إلى حد كبير. تعدّ بركة هابو بين القليل من المعالم الأثرية المعروفة في المنطقة الزراعية في أقصى الجنوب. وهي مرفأ اصطناعية ضخمة حفرت في عهد الملك أمنحوتب الثالث للاحتفال الأول والثاني بعيد السد. إلى الشمال، وأيضا في إطار الزراعة، يقع المعبد التذكاري للملك، ويواجه بوابته الأولى تمثال هائل لممنون الشهير. في الطرف الشمالي من جبانة الأقصر قرية قديمة تسمى خفت-حر-نبس، ويجاورها المعبد التذكاري للملك سيتي الأول. تجري القنوات الاصطناعية خلال الحقول رابطة الموانئ الصغيرة التي حفرت قبل بناء العديد من المعابد التذكارية هنا.
أما الصحراء على الضفة الغربية فهي مسألة أخرى. ليس فقط لدينا بقايا الهياكل القديمة، بل عثرنا أيضا على بردية قديمة تسرد في ترتيب جغرافي المعابد والمنازل التي بنيت على طول حافة الزراعة. من هذه البيانات، صرنا قادرين على تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق أثرية عديدة.
يجاور الأرض المنزرعة شريط من الصحراء منخفض، تغطيه الرمال يمتد من الطرف الشمالي لمدينة الموتى إلى جنوبها. ويتراوح عرضه من مسافة أمتار قليلة فقط (نحو 10 أقدام) إلى ما يقرب من ثلاثة كيلومترات (1.8ميل). في الطرف الشمالي تقع منطقة تدعى الطارف، وهو موقع به عدة مئات من مقابر الدولتين القديمة والوسطى. إلى الجنوب، متاخما للزراعة الحديثة مباشرة، تقع سلسلة من المعابد التذكارية، وذلك بدءا من سيتي الأول و استمرارا إلى الجنوب، مرورا بمعابد أمنحوتب الأول وأحمس نفرتاري، وحتشبسوت، وتحوتمس الثالث، ومرنبتاح-سبتا، وأمنحوتب الثاني، ورمسيس الثاني، وابن تحتمس الأول، تحتمس الرابع، ومرنبتاح، ورعمسيس الرابع، وأمنحوتب ابن هابو، تحتمس الثاني، وآي، وتوت عنخ آمون، وحور محب، ورعمسيس الثالث. ويقع قصر أمنحوتب الثالث الذي يرجع إلى الأسرة 18 في الطرف الجنوبي، وبالقرب منه معبد بطلمي في قصر العجوز والمعبد الروماني في دير الشلويط حيث الطرف الجنوبي لجبانة الأقصر.
تقع العديد من التلال الصغيرة مبعثرة في هذه المنطقة الصحراوية المنخفضة، كل منها يتميز بمداخل كثيرة إلى العديد من المقابر الصغيرة المعروفة بصورة عامة بمقابر النبلاء، أو قبور الخاصة. يرجع البعض القليل منها إلى الدولة القديمة والوسطى ولكن معظمها من الدولة الحديثة. ويبلغ عددها مئات، إلا أن القليل منها فقط مفتوح للجمهور. في الطرف الشمالي من مدينة الموتي يقع ذراع أبو النجا مقابره في المقام الأول من عصر الرعامسة. بالقرب من الطريق المؤدي إلى الدير البحري نقف على العساسيف وبها حوالي أربعين مقبرة، والخوخة وبها نحو ستين. أما الشيخ عبد القرنة فهو تل ضيق طويل به ما يقرب من مائة مقبرة. أما عن قرنة موراي، على جانب الطريق المؤدي إلى دير المدينة فبها حوالي سبع عشرة مقبرة.
وراء هذه التلال الصغيرة تقف المنحدرات الشديدة في جبل الأقصر. في قاعدتها العديد من المعابد التذكارية أشهرها ثلاثة في الدير البحري شيدها منتحوتب الأول، وتحوتمس الثالث وحتشبسوت.
داخل التلال الصغيرة في الأقصر قام المصري القديم بدفن الأسر الملكية في الدولة الحديثة في أودية صغيرة بالإضافة إلى دفن العمال المسؤولين عن حفر وتزيين قبورهم. وقد عاش هؤلاء العمال ودفنوا في دير المدينة. وإلى جنوبها يقع وادي الملكات، وبين هذين الموقعين، ما يسمى وادي الدولمين. كما بنيت العديد من الأديرة القبطية في هذه المنطقة. وادي الملوك، في الواقع واديان، شرقي وغربي، يقع في أقصى الشمال إلى الغرب، عند قاعدة أعلى نقطة في تلال الأقصر، تسمى "القرن". وهناك مناطق كثيرة أخرى على الضفة الغربية تؤوي معالم أثرية، ولكن معظمها لا يزال خارج إطار الدراسة والنشر كما يتعذر على السياح الوصول إليها.

على الضفة الشرقية لنهر النيل تقع المجمعات الرئيسية لمعبد الكرنك والأقصر، وكذلك مدينة الأقصر القديمة، و هي الآن مدفونة تحت مدينة الأقصر الحديثة.
معظم سياح الأقصر يقضون يوما واحدا فقط على الضفة الشرقية ويوما آخر على الضفة الغربية. ولكن المواقع هنا عديدة ومثيرة، فإذا كان ممكنا، ينبغي قضاء مزيد من الوقت على جانبي نهر النيل. على الأقل، على الضفة الغربية على المرء أن يرى مقابر في وادي الملوك، ومجموعة مختارة من مقابر النبلاء، والدير البحري، ومدينة هابو. إن عدد الآثار التي يمكن زيارتها في كل من هذه الأماكن يمكن أن يمتد لملء كل ما هو متاح من الوقت، ويمكن إضافة وادي الملكات، ودير المدينة، والرامسيوم، ومعبد سيتي الأول إلى القائمة. أما في الضفة الشرقية، فالكرنك وحده يستحق يوما كاملا، والأفضل، يومين في الصباح، وينبغي للمرء أن يمضي بضع ساعات في معبد الأقصر ومتحف الفن القديم بالأقصر. إنّ قضاء يوم سائرا في حقول الضفة الغربية وقراها، والوقوف في كثير من الأحيان لتناول الشاي والمحادثة، أو المشي فوق تلال الأقصر للتملّي من روعتها، قد يكون أفضل أسلوب للتمتع بهذه الزيارة.

Friday, November 5, 2010

وم 62: مقبرة توت عنخ آمون بقلم البروفيسور كنت ويكس ترجمة سفير اللغة العربية أحمد صديق

مما يدعو للسخرية أن أصغر المقابر الملكية في وادي الملوك هى أيضا أشهرها. فمن يوم أن أعلن عن اكتشافها في نوفمبر 1922 ومقبرة توت عنخ آمون أسرت خيال العالم، ملهمةً بأفلام رديئة وروايات وأحلام شبابية بمهنة في الآثار أكثر من أي اكتشاف أثري آخر. والسبب بسيط: الكنوز قد تكون صغيرة ولكن وم 62 كانت حافلة بآلاف القطع جميلة الصنع كثير منها من الذهب الخالص. فلا عجب حين تملّك العالم العجب حين نشرت أخبار الكشف وصوره. لم تكن مقبرة توت عنخ آمون المقبرة المصرية الوحيدة التى عثر عليها في صورة شبه كاملة (فمقبرة يويا وتويا في وادي الملوك ومقبرة حتب حرس في الجيزة) مثالان آخران ولكن لا نجد كشفا آخر حتى يقارب جودة وكم المحتوى فى وم 62. ويبدو من الراجح أن توت عنخ آمون قد قُبِر في وم 62 لأنه مات على نحو غير متوقع وهو لا يزال مراهقاً. وإذا كان العمل في بناء مقبرة له فى هذه السن المبكرة قد بدأ فلا بد أن العمل لم يكن من الكفاية بحيث يمكن استخدام تلك المقبرة. والطريقة التى حشيت بها القطع الجنازية في المقبرة توحي بأن الدفن كان على نحو من العجلة الشديدة. غير أن زعماً بأن توت عنخ آمون قد قتله رجال البلاط ودفنوه على عجل لإخفاء دليل الجريمة لا يحظى بقبول كبير. و ما إن ختمت المقبرة حتى سرقت غير مرة بل على الأقل مرتين ربما من قبل الحراس المعينين لحمايتها. وكلتا السرقتين اكتشفتا بسرعة وقد عثر كارتر على ثمانية أقراط من الذهب ملقاة على أرضية الكنز ملفوفة في قطعة من القماش كجزء من المسروقات التى كان يخطط اللصوص لتهريبها. ومن الواضح أنها ألقيت فى الغرفة ثانيةً حينما قبض على اللصوص. وهناك دليل مادى جسيم على هذه السرقات القديمة. ولكن ليس هناك دليل يدعم المزاعم الحاضرة لعديد من الكتاب الذين يزعمون أن كارتر وكارنارفون قد عثرا على وم 62 قبل عام 1922 بزمن طويل وكانا يقومان بسرقتها بصورة منظمة حتى كاد يكشف عنهما وحينئذ وفي فزع مثّلا مسرحية اكتشافها. أما كنز توت عنخ آمون فهو معروض الآن فى المتحف المصري بالقاهرة وإن روعة جماله ونفائسه لتبهر الأنفاس والزوار الذين يأتون إلى وادي الملوك يتوقعون أن تكون مقبرته على نفس المستوى من السحر ولكنها ليست كذلك. تتألف المقبرة من أربعة حجرات صغيرة تغطى 110م2 فقط (1184 قدم مربع) وهى شديدة الضيق و تكاد تكون خاويه تماماً. غير أنه لا يزال هناك تابوت من الكوارتز الجميل فى غرفة الدفن بداخله التابوت الخارجي ومومياء توت عنخ آمون الصغير. على جدران غرفة الدفن زينت الجدران ببساطة بصور قليلة ونصوص يسيرة. أما بقية الجدران فهى عارية. وقد كشف عمال هوارد كارتر سلم المدخل المفضي إلى وم 62  فى الرابع من نوفمبر عام 1922، وفي اليوم التالي قاموا بالكشف عن الستة عشر درجة المشهورة الآن والتي تؤدي إلى مدخل المقبرة الذي كان مغلقاً بالطين والحجر ومختوماً منذ أكثر من 30 قرناً بأختام حراس الجبانة. وقد بعث كارتر حينها إلى مموله الإنجليزي بأخبار الكشف وانتظر بنافذ الصبر مجئ اللورد كارنارفون قبل أن يعبر الباب فى الرابع والعشرين من نوفمبر. "بادئ ذى بدء لم أستطع رؤية أي شيء"، هكذا كتب كارتر لاحقا "فالهواء الحار المار من الغرفة جعل لهب الشمعة يهتز، ولكن الآن وقد أخذت عيناي تألف الضوء جعلت تفاصيل الغرفة التي بالداخل تبدو شيئاً فشيئاً من الضباب، حيوانات غريبة وتماثيل وذهب، أينما جمحت لمحت بريق الذهب." وقد استغرقت عشر سنوات من العمل المضني فى التصوير والتسجيل ونقل وحفظ أكثر من ثلاثة آلاف قطعة وجدت بداخلها، ولا يزال الكثير منها إلى اليوم غير منشور. للمقبرة خطة فريدة تختلف عن المقابر الملكية الأخرى ومقابر النبلاء الصغيرة في الاقصر. ولكن لو نقل سلم المدخل المفضي إلى ما أطلق عليه كارتر الغرفة الأولى حول الطرف الأيسر من الغرفة الأولى لكانت خطة المقبرة الحاصلة حينئذ غير مختلفة كثيراً عن المقابر الملكية القياسية في الأسرة الثامنة عشرة: سلم وممرّ يؤدي إلى غرفة دفن بغرفة جانبية ممر للمدخل يقع أسفل الدرجات الستة عشر بطول ثمانية أمتار (27 قدم) وبعرض 1.7 (6 أقدام). عندما دخل كارتر هذا الممر كان مملوءا بالحطام. ولكن في الأصل كان يستخدم كغرفة تخزين أخرى إلى أن اكتشف حراس الجبانة أن المقبرة قد سرقت وقد نقلت محتويات الممر عندئذ إلى موقع آخر (وم 54). وكانت بها جرار وحقائب وضمادات وأزهار –  مواد يبدو أنها كانت تستخدم لتحنيط الملك الصغير. بعد إعادة دفن القطع قام حراس الجبانة بملء الممر بالحطام كوسيلة إضافية لإحباط هجمات لصوص المقابر المستقبلية وقد عثر على خبيئة التحنيط (وم 54) واستكملت حفائرها في عام 1907 أما الغرفة الأمامية وراء الممر فهي بمقياس 7.9 متر (26 قدم × 3.6 متر) (١٢ قدم) ويبلغ ارتفاعها 2.8 متر (9 قدم). وبداخل هذا الفضاء الصغير نسبياً قام كهنة توت عنخ آمون بتكديس الأسِرّة الهائلة والعربات الحربية والكراسي الواقفة المطعمة كثيراً والصناديق الملونة وجرار المرمر والبطّ المحنط والتمثالين المذهبين اللذين كانا يقفان حارسين عند المدخل على طول الجدار الأيمن الشمالي. على الجانب الأيسر من الجدار الخلفي من الغرفة الامامية باب منخفض صغير يؤدي إلى ما أطلق عليه كارتر الملحق (4.4 متر أو 14 قدم طولا و 2.6 متر أو 9 أقدام عرضاً). وتقع أرضيته على بعد متر (3 قدم) أسفل الغرفة الأمامية ولكن سقفها أكثر انخفاضاً أيضاً (2.6 متر أو 8 أقدام) وبداخل هذه الغرفه قام الكهنة بتكديس الأطعمة والمراهم وزجاجات النبيذ وجرار الزيت وسلال الفواكه والخضروات كما كانت هناك قطع من القماش والمجوهرات والأثاث. أرضية غرفة الدفن هي أيضا حوالي متر واحد أسفل الغرفة الأولى وتبلغ 6.4 متر (21 قدم  طولا × 4 متر) (13 قدم عرضاً) ويبلغ ارتفاعها 3.7 متر (12 قدم) وكان بها أربعة مقاصير مذهبة تكاد تملأ الغرفة، الواحدة داخل الأخرى وكان بها التابوت الكوارتزي الذى كان بداخله تابوتان مذهبان بهما ثالث من الذهب الخالص كانت ترقد به مومياء توت عنخ آمون. شرق غرفة الدفن نجد الكنز 4.8 متر (16 قدم × 3.8 متر) (12 قدم و 2.3 متر) (8 قدم ارتفاع). وقد كان حافلاً بمقصورة كانوبية مذهبة ومراكب وتميثيلات أوشابتي وصناديق مليئة بصور للأرباب والربات وتمثال كبير لابن آوى أنوبيس جاثماً وجنينان محنطان ربما كانا طفلي توت عنخ آمون اللذين لم يولدا. ولا نجد زخارف فى وم 62 إلا على جدران غرفة الدفن وهى مشبهة بعض الشبه لـ وم ٢٣، مقبرة آي. على الجدار الأيسر الغربي اثنى عشر قرداً كل منها في مستطيل راكعاً أمام مركب إله الشمس الليلي فى صورته  كخبري الجعران (الخنفساء) تسبقه ثلاثة أرباب وربتان. وهو منظر من الساعة الأولى من الأمدوات. على الجدار الخلفي الشمالي يقف الملك آي أمام مومياء الملك مرتدياً لباس جلد الفهد الضافي الذى يدل على أنه سِم وهو يؤدي شعائر فتح الفم. بين الصورتين مائدة منخفضة تراكمت عليها الأدوات المختلفة المطلوبة لأداء الشعيرة وخمسة سلاطين صغيرة من البخور. إلى اليسار توت عنخ آمون مرتديا نقبهً مطوية ضافية يقف أمام الربة نوت التى بيديها أحرف هيروغليفية تمثل الماء. إلى أقصى اليسار توت عنخ آمون في الوسط وتقف روحه الكا أمام أوزوريس. ومثل كل الزخارف في وم 62 قد رسمت الصور هنا رسماً سريعاً وبنسب غير منضبطة وتظهر صورة آي وإلى درجة أقل أحد صور توت عنخ آمون تأثيرات فن العمارنة. لاحظ أن البطون المتهدلة على سبيل المثال والأطراف الرفيعة والأصابع الطويلة و الذقن البارزة قليلاً. وقد تمكن الفنان من إظهار الروح والعاطفة بالطريقة التى تمتد بها أيدي الملك وأوزوريس ليلمس ويعانق أحدهما الآخر. على الجدار الأيمن الشرقي للغرفة يقود الموكب الجنازي اثنى عشر من كبار المسئولين وقد تتشابه أزياؤهم ولكن اثنين منهما بغير باروكة وهم يسحبون حبلاُ مربوطاً بمزلجة عليها ترقد مومياء توت عنخ آمون في مقصورة ضافية تحرسها صورتان صغيرتان لإيزيس ونفتيس. على الجدار الأمامي من غرفة الدفن يرحب حتحور وأنوبيس بالملك فى العالم الاخر وهذا لا يظهر للسياح اليوم. أما التابوت الكوارتزي الأحمر الباقي في هذه الغرفة فهو منقوش نقشاً بديعاً ويظهر أربع ربات نفتيس وإيزيس وسرقت ونيث يقفن بنحو حامِ بأذرع مجنحة ممتدة إلى الأركان الأربعة. ترتدي الأرباب قلادات ملونة بالأزرق وأشرطة للذراع. وهناك مخاوف بشأن حالة ألوان الجدار في غرفة دفن توت عنخ آمون ويعتقد بعض العلماء أن برنامجا بعدة ملايين الدولارات لتنظيف الجدران وإزالة النمو البكتيري الذى يغطي أسطحها قد بات ملحاً. 

قرية دير المدينة بقلم البروفيسور كنت ويكس ترجمة سفير اللغة العربية أحمد صديق

في عهد الملك رعمسيس الثالث قام أحد الكتاب بعمل جرد للمنازل التي كانت فوق حافة الزراعة على الضفة الغربية، فقدم لنا هذا ملمحا أخّاذا لما كانت عليه الضفة الغربية قديما وكيف كان قاطنوها هناك، فمثلا نجد بين معبدين تذكاريين بنيا هنا منازل لعبد وامرأة ومحارب مرتزقة من سردينيا وكاهن ومن كان يستأجر هذا المحارب المرتزقة من سردينيا وراعي ماعز وصاحب مسكن وسائسا وفلاحا مستأجرا وجنديا." وكان هناك أيضا الناحتون والمحنطون ومسومو الماشية ومربو النحل والبحارة وكاتبو المحكمة والعديد من الأجانب ورجال البحر والليبيون والسوريون ومحاربو عربات تجر وربما كان هؤلاء من الحيثيين." ومثل القرى في صعيد مصر اليوم نجد الأدوات إلى جانب المنازل الكبيرة وكان الفلاحون الفقراء يعيشون بجوار كبار الموظفين وليس هناك من شاهد على تخطيط المدينة، ولكن على بعد كيلو متر إلى الجنوب الغربي تقع قرية أُحسن تخطيطها وأتقن إنشاؤها من الطين والحجر حيث كان يعيش أولئك النفر من الرجال المسؤولين عن شق وزخرفة قبور فراعنة مصر في الدولة الحديثة مع أسرهم. وقد كانت قرية صغيرة تسمى بالمصرية القديمة بادامي أي القرية أو "تا ست ماعت" أي مكان الحقيقة واليوم نعرفها باسمها العربي دير المدينة أي الدير الذي في المدينة وقد كانت دير المدينة لخمس مائة عام مجتمعا حيويا من مهندسي المعمار والبنائين والرسامين والفنيين والنجارين وصائغي الذهب وغيرهم من الحرفيين. وبعد أن هجرت بانتهاء الدولة الحديثة لم يأتِ هنا سوي نفر في معظم الأحيان قليل لزيارة معبد صغير في الجوار أو لاستخدام بعض مبانيها للتخزين. وفي العصر البطلمي شيد معبد لحتحور في شمال الموقع وتحول في ما بعد إلى كنيسة مسيحية ودير، ومن هنا جاء الاسم العربي. وشيئا فشيئا عرفناها بدير المدينة، ولقد اختفت قرية دير المدينة تحت الرمال الهبوب وظلت طي النسيان لحوالي ألفي عام ولم يدرك أحد قبل القرن التاسع عشر أن دير المدينة كانت موقعا غنيا بالآثار. وقد كشفت الحفريات من 1815 إلى الحرب العالمية الثانية والتي كان معظمها غير شرعي عن آلاف من القطع من دير المدينة لكن لا نجد سوى القليل منها مما يعد أعمالا فنية رائعة أو قطعا قيمة من الذهب والفضة. فالواقع أن معظمها من الحجر الجيري كتب عليها الكتاب الأقدمون مذكرات وتمرنوا على الكتابة. وهذه القطع من الحجر الجيري والمعروفة بالشقفة هي المقابل القديم لمجلة الحائط ومعظم نصوصها عالجت الأمور الدنيوية للحياة اليومية. وبالنسبه لعالم المصريات فهذه الوثائق كنوز أغلى من الياقوت والذهب، فهي تسمح لنا بزيارة عالم عمره ثلاثة آلاف عام من هؤلاء الفنيين، فنتصنت عليهم وهم يعملون ويلعبون، فهنا عقود زواج ورسائل وإيصالات وغراميات وشكاوى غاضبة وسجلات جرد وألف من الوثائق التى تصف بتفاصيل دقيقة ومملة حياة من عاشوا هنا وخلال أكثر تاريخها عاشت في دير المدينة. وقد ترواح عددهم من حوالي أربعين إلى أكثر من مائة (خمسون أسرة).
وفي بعض الحالات يمكننا تتبع تاريخ بيت لأسرة واحدة لعشرات الأجيال أو أكثر واليوم باستطاعتنا التعرف على سبعين بيتا كل منها مبني من الحجر والطوب اللبن في مجمع لبلدة مسورة تمتد حوالي 51000 متر مربع (53 ألف و500 قدم مربع) وكان لهذا المجمع مدخل واحد وكان الحرس يتناوبون عليه ولم يكن هذا لعزل العمال وانما لصون النفائس التى كانوا يعملون بها. وقد امتد كل بيت إلي حوالي سبعين مترا مربعا (750 قدما مربعا) وكان يتبع خطة قياسية بشكل كبير. ومن المميز بين هذه البيوت بيت العامل سنجم الذي عاش في عهد الملك سيتي الأول ورعمسيس الثاني، ويقع بيته في الركن الجنوبي الغربي من القرية على حافة ساحة الانتظار الحديثة على بعد أمتار قليلة أمام مجموعة من المدرجات التي تؤدي إلي مقبرته (م أ 1) ويقع مدخلها عند نهاية دهليز طويل موازٍ للطريق الرئيسي الممتد شمالا وجنوبا عبر القرية ويؤدي مدخل إلى مدخل صغير حيث نجد ثلاثة مخازن ربما كانت معدة للأدوات والقماش وغيره من حاجات الحياة، وربما استخدمت أيضا كمسكن للخدم وفي إحدي الغرف قدور مثبتة في الأرض لتخزين الحبوب إلي غربها باب متقن ذو عتبة حجرية يؤدي إلي قاعة استقبال مستطيلة عليها مصطبة من الطوب اللبن مستندة إلي الحائط الجنوبي، ووراء ذلك غرفة استقبال أخرى كان لها عمود من جذع النخل على قاعدة من الحجر الجيري في وسطه لتدعم السقف وقد اختفى الآن، وهناك مصطبة منخفضة كانت بمثابة سرير أو مقعد وفوقها لوحتان مثبتتان في الجدار ونعرف من المتاع الموضوع في مقبرة سنجم أن الأثاث هنا كان يشتمل على أدوات صغيرة و كرسي وسرر وصناديق وخزائن وموائد معظمها للاستخدام والانتفاع بها ولكنها جيدة الصنع ولطيفة الزخرف. وهناك مجموعة من الدرجات تؤدي إلى السقف وقد كانت الإقامة في دير المدينة قاسية ومتقشفة فالمنازل صغيرة، ولربما قضى سنجم وزوجته أيننفرتي وأبناؤهم وبناتهم العديدون وقتا كبيرا على السقف أو خارج المنزل يتسامرون مع أصدقائهم وزملائهم وهؤلاء القوم بالطبع عملوا معظم النهار ومن أجل ذلك فأكثر الوقت كانت القرية للنساء والأطفال وكبار السن. ومقارنة بمنازل أكثر المصريين قدمت دير المدينة الكثير من وسائل الراحة وعوامل الجذب فقد كانت جدران المنازل مدهونة بالأبيض ولها أبواب حمراء صغيرة أما الأرضيات فقد غُطيت بالملاط وقد زخرفت المنسوجات الملونة الزاهية والأثاث واللوحات وعلقت التمائم على الحوائط وفي ظهر المنزل كان يقع المطبخ وغرفة صغيرة وصومعة لتخزين الغذاء. لم يكن هناك مال في مصر القديمة فكانت الحكومة تدفع للعمال عينا لا نقدا، فكانت صومعة سنجم ومخازنه تتسع لهذه الأقساط الشهرية من الحبوب لعمل الخبز، والشعير لعمل الجعة، والسمك المجفف والخضروات مثل (الفول والثوم والبصل والخس) والفواكه مثل الرمان والعنب والتين، ووقود لفرن الخبز وماء وفي مناسبات خاصة كانت هناك سلال من البلح والكعك الحلو والعسل والنبيذ والتوابل والكمون والكراث والملح وزيوت الطبخ العديدة واللحم والطير وبعض هذه الأطعمة يأتي غير ناضج وآخر كان يأتي جاهزا وكان يأتي بكميات كبيرة ولدينا سجلات لأسرة كانت تتلقى قسطا يتضمن مئات عديدة من الخبز ولترات كثيرة من الجعة "البيرة" كما كانت تصل إلى هناك دفعات منتظمة من القماش والملابس والأثاث وأواني الطبخ والمصابيح. وقد وظّف قاطعوا الخشب و حاملو المياه والصيادون والبستانيون والغسالون وصانعوا الخزف والتوصيل بصورة دائمة لتلبية حاجات فناني وحرفيي دير المدينة. انظر إلى جدران بيت سنجم وانظر داخله حينئذٍ لا يكون من العسير تصور الأمسيات التى قضاها في هذه الغرف يلعب الألعاب مع أسرته ويحكي القصص أو يتزين لعيد من الأعياد. يستطيع المرء أن يتصوره وهو يجلس في قاعة العواميد يسمر مع زملائه في العمل وهو يتحدث عن جدول اليوم التالي. يستطيع المرء أن يراه وهو يمشي إلي المطبخ لإعداد تصبيرة من الخبز والتوابل ويصعد إلي السقف ويجلس بهدوء ويأكل تحت النجوم. وعندما كان يغادر سنجم البيت كل صباح للعمل في وادي الملوك كان هو وزملاؤه يمشون على التل على طول طريق لا يزال السياح يطرقونه إلى اليوم، وتأخذ الرحلة أقل من ساعة أما رحلة العودة فتستغرق وقتا أقل لأن معظمها طريق النازل، وإذا اختار العمال ألا يرجعوا إلى قريتهم عند نهاية اليوم فربما يكون راجعا إلى الحرّ أو إلى خلاف عائلي أو ضغوط العمل وحينئذ يكون قضاء الليل في الأكواخ الحجرية الصغيرة المبنية فوق التل، وهنا باستطاعة العمال أن يستمتعوا بنسيم الرياح عند الشمال ينحتون التمائم ويشربون الجعة السميكة التى حملها أزواجهم من القرية. لابد أن شق مقبرة ملكية لم يكن عملا يبعث على السرور. بصورة عامة، الحجر الجيري مادة طرية نسبيا وليس من الصعب نحتها ولكن عندما يتحطم فإن حوافه الحادة كالموسى تستطيع أن تقطع حتى الجلد السميك وينتج عنها غبار سميك يجعل التنفس والرؤية صعبة وقد كان الحفاظ على الاستواء المحوري الصحيح لغرف المقبرة وضمان أن تكون أركان الغرفة مربعة وأن تكون الجدران أفقية عملا يتطلب صبرا ومهارة ولكن الحرفيين أدوا هذا بإتقان بالغ حتى في هذه البيئة الصعبة، ولم يستخدموا في ذلك سوي ميزان ماء وقطع من الحبل ومربع النجار. أما قطْع الحجر الجيري فقد كان باستخدام إزميل من النحاس ومطارق خشبية وفؤوس يدوية من الصوّان ومسحج من الحجر الرملي ومثل هذه الأدوات البسيطة يمكن إصلاحها و سنها عند الحاجة، ورغم أنها بسيطة فقد أدت الواجب على خير وجه. كانت إضاءة جوانية المقبرة المظلمة باستخدام سلطانيات من زيت الخضروات كانت تطفو فيه فتيلة وتضاء وكانت الفتائل من سمك قياسي وطول قياسي وكان المعدل الذي تحترق به مقياسا ليوم العمل. وقد أضيف الملح إلى الزيت لمنعه من إصدار الدخان.
المعبد البطلمي
عند الطرف الشمالي للقرية بني عدد من المعابد الصغيرة في الدولة الحديثة وبعضها استبدل في عصر البطالمة. والواقع هناك مثال محفوظ حفظا جيدا لمعبد من ذلك العصر لا يزال قائما. وقد بدأ في عصر بطليموس الرابع فيلوميتر واستمر العمل فيه 60 عاما التالية تحت حكم بطليموس السادس وبطليموس الثامن فيلوميتر ارجيتس الثاني، وقد بني على أنقاض معابد صغيرة أخرى قبله ولعله مشبه للبقايا التى لا نزال نراها في الشمال مباشرة حيث معبد أمنحتب الأول ومقام حت-حوري لسيتي الأول. ومعبد الثالوث الأقصري بناه رمسيس الثاني كان المعبد البطلمي مكرسا للربة حت-حور وماعت وهو بناء صغير يقع داخل سور من الطوب اللبن داخل جدار محيط من الطوب اللبن داخله أيضا دور عبادة صغيرة من الدولة الحديثة شيدها قاطنوها من دير المدينة. وهناك العشرات من المخربشات اليونانية والديموطيقية والقبطية المسيحية تغطي جدرانه الخارجية وداخل السور المحيط ندخل دهليزا له عمودان على صورة البردي. وتقودنا مجموعة منخفضة من الدرجات إلى ما قبل الناووس كما يحدده زوجان من الأعمدة والجدران الستائرية. على الأعمدة صور تظهر أمنحتب ابن هابو وأمنحتب وهذان المهندسان المعماريان بلغا مرتبة الألوهية بعد وفاتهما. ولعل امنحتب ابن هابو قد بني معبدا من قبل على هذا الموقع. أما الجدار الستائري فهو مبطن بنقوش تظهر الملكة تقرب القرابين إلى الربات المختلفة. في الجدار الخلفي مما قبل الناووس ثلاثة مداخل وفوقها سبع أرؤس حت-حورية وكل من المداخل الثلاثة يؤدي إلى دور عبادة ضيقة طويلة ودار العبادة على اليسار مكرسة لآمون-سكر أوزوريس وعليها نقوش متقنة النحت موضوعها حساب الموتى. مناظر القيامة كهذه ليست شائعة في رسوم المعابد ونجدها أكثر في المقابر أو على لفائف البردي. أما أطراف صور النقش البطلمي فكثيرا ما تبدو كنقائق المحشو كثيرا، ولكن هذه منحوتة بصورة أكثر أناقة وهي حسنة التناسب والتصميم ونستطيع رؤية جنيين رؤسهم رؤس كلاب وصور لبطليموس الرابع في المدخل وعلى الجدار الأيسر تقود ماعت صورة للملك الميت إلى قاعة العدل وفوقه اثنان وأربعون قاضيا يجلسون مستعدين للنطق بالحكم الذي سيقرر مصيره. أنوبيس وحورس يزنان قلب الميت على ميزان وفي الكفة الأخرى ريشة ماعت ويقف تحوت برأس أبي منجل في الجوار مسجلا النتيجة. تجلس صورة على شكل أسد وفرس النهر وتمساح يسمى عامت إلى جانبهم مستعدة لافتراس قلب الظالم. إلى أقصى اليمين يجلس أوزوريس على عرشه. على الجدار الخلفي يقدم الملك بطليموس الرابع فيلوبيتر القرابين لإيزيس وأوزوريس. يقف قارب سوكر أزوريس على قاعدة وإلي يمينه يقدم بطليموس السادس إلى أنوبيس القرابين. ولما كان البطالمة شغوفين بالأحرف الهيروغليفية المصرية والوحدات الزخرفية الدينية فقد شعروا بالغبطة في أخذ العناصر الأيقونية المميزة البسيطة وجعلها معقدة فمثلا انظر إلى عتبة فوق الباب حين تغادر دار العبادة حيث صورت أربعة كباش وجعران برأس كبش ودار العبادة الوسطى كرسها بطليموس الرابع لحت-حور وهى تتلقى القرابين من بطليموس الرابع وأخته أرسنوي وبطليموس السابع الذين تكمل بهم الزخارف.
دار العبادة اليمنى كانت مكرسة لآمون رع أوزوريس ونقوشها تظهر الملك أمام ربات عديدة بما في ذلك حت-حور وإيزيس ونفتيس وحورس وأنوبيس وموت وآمون وغيرها وحين تغادر سور العيد البطلمي ينعطف يسارا شمالا إلى معلم غريب يعرف بــ الهوة العظمى وهى كبيرة حقا تزيد على 50 مترا (164 قدما) في العمق وتتسع 30 مترا (98 قدما) ونعتقد أنها كانت محاولة لحفر بئر كي يكون لدى دير المدينة مورد مياه سهل المنال. ولكن ما الداعي إلى حفر هائل كهذا؟ ماهي الضرورة؟ ولكن ليس هناك تفسير لضرورة عمل حفر هائل كهذا فقد كان الماء متوفرا على بعد مئات قليلة من الأمتار في الأرض الزراعية ويمكن نقله بسهولة على حمار. لم يكن البحث عن المياه ناجحا فقد وجد علماء الآثار الذين نقبوا هنا أن العمل قد توقف أو أن الحفرة قد ملئت بأطنان من الرمال والشقافة.

طاقة الشمس..وقود المستقبل ترجمة أحمد صديق

طالما كانت الطاقة الشمسية فعالة في الأجهزة الإلكترونية الصغيرة ولنوع محدد من الأشخاص الذين يعشقون الشمس. ولكن بتزايد الطلب العالمي للكهرباء يزداد أيضاً حرق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء مما يسهم في الاحتباس الحراري وظروف المناخ الخطيرة التي تنتج عنه.
هذا يجبرنا على إلقاء نظرة من جديد على مصدر طاقة جديد تكون له إمكانية إحداث ثورة في إنتاج الطاقة، الخيار المطروح الوحيد أمامك الذي بمقدوره أن يشبع نهم الإنسان للطاقة هو الشمس. وعلى مستوى عالمي مطلب الحصول على طاقة نظيفة يبث الحياة من جديد في الصناعة الشمسية وألواح شمسية جديدة تبدو في كل مكان في أمريكا. المزيد والمزيد من الأسقف تحظى بألواح شمسية وأصحابها يحبون النتائج.
أنا احبها لكن الطاقة الشمسية كانت موجودة منذ أزمة الغاز في سبعينيات القرن العشرين ومازال بمقدورها أن تقوم بإسهام جدّي في حاجات الأمة من الطاقة.
على مدى عقود كانت الشمس طاقة الغد، لسوء الحظ كانت أيضاً مجالاً لوعود مخفقة.
هناك مشكلة واضحة. فعندما لا تشرق الشمس فإنها لا تولد كهرباء.
والتكلفة
تميل الألواح الشمسية لأن تكون أغلى من موارد الوقود الأحفوري
لكن التقنية الجديدة ووحدات الطاقة الشمسية العملاقة ونماذج العمل المبتكرة آخذة في الصعود بمصدر الطاقة النظيف هذا إلى المستوى الذي يليه، لكن هل يمكن للطاقة الشمسية أن تقدم ما يكفي من الكهرباء لسد متطلبات القرن الحادي والعشرين؟
قام بالتمويل الرئيسي لنوفا ديفيد هـ. كوخ ومعهد هاورد هيوجز الطبي- الذي يخدم المجتمع من خلال البحث الحيوي الطبي وتعليم العلوم م.م.هـ.هـ.ط.
قدم التمويل الرئيسي لهذا البرنامج مؤسسة ليميلسون، وهي مؤسسة خيرية تقوم بدعم الاختراع والابتكار لتحسين الحياة في الولايات المتحدة والدول النامية وصندوق البرامج البيئية لمؤسسة P.B.S  الذي تدعمه مؤسسة ريتشارد ورودا جولدمان.
يأتي التمويل الرئيسي أيضاً لنوفا من شركة الإذاعة العامة ومشاهدي P.B.S أمثالكم. شكراً لكم.
لو كان الأمر بيد هذا الرجل.
أهلا يا بولا. أنا كاز
 لكانت الطاقة الشمسية قد انطلقت منذ عهد بعيد. يعمل لاري كازمارسكي في المعمل القومي للطاقة المتجددة في جولدن بكلورادو. وقد ظل يحاول تحسين التقنية الشمسية منذ أن قام جيمي كارتر بوضع ألواح شمسية على البيت الأبيض، ولم يتأثر عندما قام رونالد ريجان بنزعها وتقليص ميزانيته، ومن حينها لم يقُم رئيس بعد بإعادتها إلى المستويات التي كانت عليها في 1980. لكنه لم يفقد أبداً إيمانه بالشمس.
يبدو مكتب كازمارسكي كـشيء بين مختبر عالِم مجنون ومتجر مخدرات.
كاز، كما يدعوه الجميع، يقوم حتى بتصميم أربطة عنق شمسية. وهو لا يجد حرجا في تفائله بالشمس، وقد درس تقريباً كل جوانب العلم الشمسي وأصبح مؤرخاً للتاريخ الشمسي.
في هذا العصر الحديث تمكن الإنسان من استغلال الشمس بالبطارية الشمسية. وقد صنعت أجهزة راديو محمولة تعمل بالشمس كنماذج معملية بالفعل. هذا هو العام 1958 وهذا غير محتشم إلى حد كبير في هذا العصر. وعلى فكرة، عندي هذا الراديو. هذا الراديو هو راديو ترانزستور يعمل بالخلايا الشمسية، الكائنة هنا فوق. لا يعمل على أكمل وجه. ولكنى أقول للناس تعلمون أن عمري أكبر بقليل من عمر هذا الراديو، وفيه أيضاً أجزاء لم تعد تعمل كذلك. في عام 1979 كان كاز حاضراً الحفل الرئيسي لظهور اللوح الشمسي ورغم ذلك لم تكن الشمس لترى يوم أن زار الرئيس كارتر المختبر القومي للطاقة المتجددة. أخشى أن أرباب الشمس لم يكونوا ساطعين هنا على معهد طاقتنا الشمسية. وبدأ هطول المطر وأصبنا بالبرد ونزل الصقيع. قد قمنا بإحضار مصفوفة من الخلايا الكهربية الضوئية الكبيرة. كانت حوالي 30 كيلووات. وها هو الرئيس كارتر واقفاً أمام هذه المصفوفة من 30 كيلووات يمد يده وكان يظن أنه سيساعد قليلاً بمسح سطح هذه الخلايا الشمسية وأذكر أنني استطعت أن امسك بيد الرئيس في ذلك الوقت لأنني كنت أخشى معتقداً أن هذه كان من الممكن أن تكون المرة الأولى التي يصعق فيها رئيس أمريكي بالتقنية الشمسية، ولم أكن أظن أن هذا سيأتي بأي خير لتقنيتنا، ولكن لم يكن خطر الصعق الكهربائي الذي كان بمثابة العقبة الكبرى للتقنية، ولكنه طبيعة الشمس التي تأتي وتذهب وتشرق وتغيب. لكنه في طبيعة مجئ الشمس في شروقها وغروبها كل الألواح الشمسية أو الخلايا الكهربية الضوئية تستخدم ضوء الشمس لإنتاج الكهرباء وكلما قويت الأشعة كلما زاد عطاؤها. إنها عملية بسيطة تبدأ بالخلايا الشمسية المفردة التي تؤلف اللوحة، وإذا كنت صغيراً بدرجة كافية وتستطيع أن تحبو بداخل إحدى هذه الخلايا الشمسية فسيكون عندئذ باستطاعتك أن ترى طبيعة النشاط، كل خلية شمسية هي بمثابة ساندوتش الجزء العلوي للحماية، والسفلي قاعدته، والطبقة الوسطى مصنوعة من السليكون حيث يجرى العمل. عندما تضرب جسيمات أشعة الشمس المعروفة بالفوتونات الذرات المفردة من السيليكون تكسر بسهولة الرابطة الضعيفة بين نواة السليكون ومدارها الخارجي للإلكترونات، وبمجرد أن تتحرر تسير الإلكترونات إلى قمة طبقة السيليكون حيث تتحرك في تيار على طول شرائح المعدن الموصلة ثم تتحرك عبر الألواح إلى أسلاك تغذي الكهرباء للمنزل. تنتج خلايا الشمس فى هذا العصر ضعف مقدار الكهرباء الذي كانت تنتجه النماذج السابقة وهي أرخص مما كانت عليه، وهذه المنافع تساعد في إحداث نهضة شمسية من كاليفورنيا المشرقة وحتى نيوإنجلاند غير المشرقة. وهذه الألواح التي كانت ثقيلة وعويصة لمعظم السقوف هي اليوم سهلة للغاية للعيش معها وتناسب المتحمسين الجدد من أمثال فيلريفس. تماماً تركبها وتنسى كل شيء عنها. ليست هناك ضوضاء ولا بطاريات مثل الأيام الخالية لأن معظم المالكين يظلون متصلين بشبكة الطاقة المحلية ولا يحتاجون إلى بطاريات للطاقة أثناء الليل. المنزل مثل سيارة هجينة تماماً؛ نصف الوقت يعمل من الألواح الشمسية والنصف الأخر من الوقت تأتي الطاقة من الشبكة. أحبها! يعيش آل فيلريفس في سومرفيل في ماساشوستس، وهي مسافة بضع دقائق بالسيارة من وسط البلد في بوستون. فيلريفس هو مصمم صناعي زوجته تريشا في فريق العمل وابنه بيجى يريد أن يصبح طياراً. كان آل فيلريفس أول من تحولوا إلى الطاقة الشمسية في مجتمعهم. بدأت أفكر في الطاقة الشمسية والألواح الشمسية والبيئة ربما في السبعينيات، وكنت مراهقاً أثناء أزمة الطاقة الأولى وعندها كنت أعتقد أنني حين أكبر سأقوم بتناول الأمور بصور مختلفة عن الطريقة التي يتناولها بها والداي الآن، ولسوء الحظ قد أخذ منى هذا ثلاثين عاماً لجعله واقعاً يقع.
بيل وديبى من الدعاة المتحمسين للطاقة الشمسية، ومنزلهم المفصّل بالقرب من كينيبونكبورت في ولاية مين هو منزلهم الشمسي الثاني، وتتناول المجلات الشمسية إبرازه بشكل كبير. بيل لورد عنده موقع على الإنترنت لمن لديهم حب الاستطلاع، وهو يقدم جولات على الموقع للمهتمين بالتحول إلى الطاقة الشمسية. يبدأ عرضه في الدور الأرضي. هذه هي محطتنا لتوليد الطاقة؛ هنا نحول الكهرباء التي تأتي من السقف إلى تيار للمنزل. حين تضرب الشمس الألواح على السقف تنساب الإلكترونات في الأسلاك إلى هذه المحولات، وهو تيار مستمر. معظم المنازل لا تعمل بالتيار المستمر، وإنما تعمل بالتيار المتردد. ومن ثم فإن هذين الصندوقين الأبيضين يحولانه إلى التيار المنزلي المتردد. بالإضافة إلى ألواح الكهرباء الشمسية التي عندهم، اللورد لديهم ألواح ماء ساخن شمسية تغذي نظام تسخين مشع في أرضياتهم بصهاريج معزولة كبيرة لتخزين الماء الذي سخنته الشمس يكونون بهذا قد خفضوا بشكل كبير فواتير الغاز بالإضافة إلى فواتير الكهرباء. النظام يعالج نفسه بنفسه فهو يشغل نفسه تلقائياًُ في الصباح وينغلق بالليل؛ نستطيع أن نكون بعيدين تماماً ولا يزال يعمل بالنيابة عنا، وهذا يعنى أن منزله ينتج الكهرباء سواء استخدمه أم لا، وما لا يستخدمه يعود إلى الشبكة لكي تستخدمه بيوت أخرى، ولأن شركة المرافق تعطيه رصيداً جزاء على الكهرباء الفائضة وهو ما يعرف بصافي الفائض فان فاتورة بيل منخفضة بشكل مذهل، وعلى أساس شهري ندفع 7.47 دولار لكي نكون على اتصال بشركة الطاقة. فمجمل القول إننا لا ندفع شيئاً من أجل الكهرباء. بوجود ما يزيد عن أربعين ولاية تقدم أرصدة مشابهة على صافي الفائض، لم لا تزدحم أسقف أمريكا بالألواح الشمسية؟
السؤال الأول بالطبع كمستهلك كم سيكلفنى هذا؟ وهنا تأتي الصدمة. بالنسبة لبيت عادي تحتاج بين 2 كيلووات و 4 كيلووات من الخلايا الكهربية الضوئية وهذا سيجعلك تنفق ما بين حوالي 15000 دولار إلى 28000 دولار، وإذا كان لديك منزل كبير وأضفت ألواحا شمسية لتسخين الماء كما فعل اللوردات فإن السعر يرتفع أكثر. إن العناصر الشمسية النشطة على المنزل تتكلف حوالي 50000 دولار وإنها التكلفة العالية للطاقة الشمسية التي من وراء كل الحجج ضدها. فالآن الألواح الشمسية ليست فعالة جداً وهي مكلفة، فالناس الوحيدون الذين لديهم هذه المحصلات الشمسية هم في الواقع الأغنياء جداً، ولكن هل هذا صحيح فعلاً ؟
حسناً آخر مرة نظرت في أمورنا لم نكن أثرياء جداً. آل فيلريفس لديهم مصدران للدخل وهم أسرة من الطبقة الوسطى بميزانية لا تسمح لهم بالكثير من الترف. يمكن القول إننا نبنى منزلنا، فلدينا ابن في المدرسة، وتعلمون أن عندنا أشياء أخرى كثيرة نستطيع أن نعملها، وعلينا أن نعملها. لكن عندما علموا أن ولاية ماساشوستس ستدفع نصف تكلفة ألواحهم قفزوا إلى الفرصة. لا أظن أننا كنا نفعلها من دون دعم الولاية. منحة ماساشوستس جعلت ما كان استثمارا يبلغ 24000 دولار جعلته 12000 دولار. والآن تمنح أربعة عشر ولاية حوافز مشابهة. ثم هناك المنفعة الإضافية من نظام صافي الفائض. هذه هي الفاتورة لهذا الشهر وهي 129 دولار ولربما كانت ضعف هذا في العام الفائت من مثل هذا الوقت. فى المتوسط يدفع فيلريفس الآن أقل من نصف ما كان يدفعه للكهرباء. هو لا يدخر بنفس المقدار الذي يدخر به بيل لورد لأنه لا يملك مثله الكثير من الألواح. لكن ادخار المال لم يكن أبداً هدفه الوحيد. أعلم أنني أنقص من وطأتي الكربونية على العالم وأشعر بغاية السعادة بتركيب الألواح. وهو شعور يشعر به كل من يتحول إلى الطاقة الشمسية تقريباً. إن الأمر لا يتعلق بالمردود، إنه في المقام الأول التعامل بلطف مع البيئة عن طريق عدم استخدام الوقود الأحفوري لتأدية العمل الذي تحتاج إلى استخدامه منازل أخرى. وعلى مدى الأحد عشر عاماً الماضية سبعون طناً من ثاني أكسيد الكربون لم تطلق في الهواء لأننا كنا نستخدم الطاقة الشمسية. وحدات الطاقة التي تستخدم الوقود الأحفوري مسئولة عن 40% من ثاني أكسيد الكربون الذي يُضخ إلى الهواء كل يوم. ومستويات ثاني أكسيد الكربون المتزايدة هي سبب رئيسي في الاحتباس الحراري. المجتمع البشري يحرق الفحم والنفط والغاز ليحصل على الطاقة، ونتيجة الحرق هي ثاني أكسيد الكربون. مستوى ثاني أكسيد الكربون لم يكن بهذا الارتفاع قط لملايين السنين. الآن ثاني أكسيد الكربون هو من غازات الصوبة الزجاجية (غازات الاحتباس الحراري) وهذا يعني أنه جيد جداً في امتصاص الحرارة المنبعثة من سطح الأرض وفي نقطة ما من الزمان في الخمسين عاماً القادمة سنخرج عن المقياس بالمعنى الحرفي.
يعمل الغلاف الجوي للأرض عمل صوبة زجاجية تمتص بعض طاقة الحرارة وتشعها ثانيةً مما يزيد في نهاية المطاف من درجة حرارة سطح الأرض بمقدار قليل.

وهذا الارتفاع مسهم في ظروف جوية قاسية تبدو أنها تتقدم إلى الأسوء كل عام.
أعتقد أن الكثيرين ملمون بالنتائج المتوقعة لتغير المناخ؛ فيضانات في بعض المناطق، وجفاف في مناطق أخرى، وذوبان الألواح الجليدية مما يؤدي إلى ارتفاع منسوب البحر، وأعاصير أقوى وأعتى، ومجموعة من التأثيرات المناخية غير العادية الأخرى. لكن ما يخيفنى حقاً هو ما لا نتوقعه، فإن المفاجآت هي التي تؤذي البشر حقاً. المخاوف بشأن الاحتباس الحراري ساعدت على تعزيز مبيعات الألواح 600% منذ عام 2000 حيث يحاول المزيد من البشر أن يقومون بواجبهم لتلافي الأزمة. لكن كل الألواح الشمسية في أمريكا لا تنتج سوى قيمة وحدتين من وحدات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، وهي كمية لا تقرب حتى من متطلبات الطاقة لتشغيل مدينة عظيمة. والمزيد من الطاقة هو ما تحتاجه كل مدينة وبخاصة عندما ترتفع درجة الحرارة وترتفع معها الحاجة إلى تكييف الهواء.
موجة حر خطيرة تجعل الناس في شقاء من المحيط إلى المحيط.
أكثر من مائة من الوفايات تلام على اثني عشر يوماً من الحر الشديد.                           
          
درجات حرارة تتجاوز المائة. تقارير عن مائة وعشرين درجة فى بعض الأماكن...

وهذا يمثل إجهاداً هائلاً لشركات الطاقة والناس الذين يعتمدون عليها.

الزمان 25 يوليو 2006 الأسبوع الثاني لرقم قياسي تسجله لوس أنجلوس فى موجة حرارية، ولا تجد مكانا على وجه الأرض تزداد فيه شدة الحرارة عن غرفة تحكم الشبكة في إديسون بكالفورنيا الجنوبية والحرارة على مدير التحكم بالشبكة توم بوتلو. مهمة بوتلو هو توجيه الطاقة التي تولدها وحدات الطاقة بالمنطقة إلى المنازل والشركات وإشارات المرور والمستشفيات وكل مكان فيما بينها. لكن طبيعة الكهرباء تجعل من هذا كله لعبة بوكر خطيرة الاحتمالات؛ حيث فيها يمكن أن نكون نحن الخاسرين. لا تستطيع تخزين الكهرباء بنفس الكيفية التي تستطيع بها تخزين أشياء أخرى كثيرة مثل الموز أو النحاس أو السلع الأخرى. ومن أجل ذلك ستكون دائماً بحاجة إلى مدير للشبكة، وهؤلاء رجال ونساء شجعان يُطلب منهم عمل المستحيل والتنبؤ بالغد أو بالساعة التالية أو كيف نقدم مزيداً من الكهرباء التى سوف نحتاج إليها اعتمادا على عدد الإناث الذين قد يشغلوا مكيفات الهواء أو عدد المصانع التي قد تقرر فجأة أن ترفع من احتياجاتها. رغم أن بوتلو يحاول ألا يظهر هذا لكنها أكثر الوظائف إجهاداً، إذ أن موجة الحر تجبر عملاء 13000000 من سوكال على أن يستخدموا المزيد من الكهرباء للإبقاء على الأشياء باردة، وهذه هي اللحظة التي تحدث عندها معظم الانقطاعات فى تيار الكهرباء. إن السبب فى حدوث الانقطاعات في التيار الكهربائي هو عندما يكون العرض غير كافٍ على النظام لكي يفيَ بطلبات العملاء. تؤدي موجة الحر الحالية إلى عشرات من الانقطاعات فى التيار الكهربائي فى مناطق مختلفة، مما يؤدي إلى عشرات الوفيات وملايين من الخسارة الاقتصادية؛ تعطلت المصاعد بسبب الطاقة فجعلت رجلا يتعلق بداخلها، لكن الأمور قد تسير من سيء إلي أسوء إذا لم يستطيع المديرون الحصول على مزيد من الكهرباء لتلبية الطلب. فعندما تأتي لحظة صيف بعد الظهر في الساعة الرابعة حين يكون الجميع متوجهين إلى منازلهم، ويشغلون أجهزة التكييف، فإن الحمل على نظامنا يرتفع إلى ذروته. رغم أن جنوب كاليفورنيا لديه كمية صغيرة من الطاقة الشمسية لتغذية الشبكة إلا أنها قطرة في محيط، لذلك فإن المديرين يطلبون المزيد من الكهرباء من ثلاثين وحدة من وحداتهم التي تعمل بالغاز الطبيعي ومن اثنين من المفاعلات النووية بالولاية ويبدئون في شراء الطاقة من الولايات المجاورة التي تستخدم وحدات تعمل بالفحم باعثةً أسوء الانبعاثات، ثاني أكسيد الكربون. ولما كانت المدينة فى خطر إخفاق هائل في الطاقة، فإنه ما على مسألة الاحتباس الحراري سوى الانتظار. الحقيقة هي أننا نحتاج اليوم بالتكنولوجيا المتوفرة إلى أنواع الوقود الحفري للحصول على أنواع الوحدات ذات الاستجابة السريعة التي تستطيع تلبية الحمل والمحافظة على النظام والتوازن. ورغم أفضل الجهود، فإن مديري الشبكة قد نفذت لديهم الوسائل والسبل لمكافحة أزمة الطاقة فى هذا الصيف، وفي تحرك جريء يقرر توم بوتلو أن يسأل مصانع بعينها ومباني مكاتب ومدارس أن تخرج عن الشبكة طواعيةً لتوفير الطاقة. الشبكة الغربية بأكملها ستكون عرضة للخطر إذا لم تتخذ أعمال الطوارئ هذه لفصل أجزاء معينة من نظامنا – العملاء غير الضروريين لساعة في بعض الوقت، ولكن بتزايد موجة ارتفاع درجة الحرارة لا نعرف ما إذا كان هذا الإجراء سوف يعمل، وإذا لم يعمل فإن المدينة ستواجه إمكانية خطيرة لانقطاعات هائلة فى التيار الكهربائي، وما ينتج من فوضى لا يمكن تلافيها. ولكن بحلول اليوم الرابع عشر يبرد طقس لوس أنجلوس أخيرا، ومن ثم يهبط الطلب على مزيد من الكهرباء. أزمة هذا الصيف قد انتهت لكن هناك إحساسا قليلا بالراحة وبإسهام الاحتباس الحراري فى أكثر الأصياف حرارة سجلت. من الراجح أنه ستكون هناك المزيد من الموجات الحارة وكل طوارئ جديدة تؤكد مقدار اعتماد بقائنا الحالي على الوقود الأحفوري وكيف أن بقائنا المستقبلي قد يعتمد على سرعة التخلص منه. ما إن تبدأ المحيطات فى السخونة حتى يبدأ الجليد فى الذوبان، ومن الصعب عكس هذه الاتجاهات، ومن ثم فإنه بحلول الوقت الذي نلاحظ أن هذا أمرٌ كارثي ربما يكون قد سبق السيف العذل. تنتج الوحدات النووية الكهرباء الخالية تقريباً من الكربون، ومن ثم فإن بناء المزيد منها قد يساعد في إبطاء الاحتباس الحراري. لكن مخاوف الناس من الحوادث والنفايات الذرية قد أوقف إنشاء وحدات جديدة فى جميع أنحاء الولايات المتحدة.
الطاقات المتجددة مثل الريح والطاقة الشمسية ليست لها عقبات الطاقة النووية ولكن ما لم نستطع زيادة خرجها بشكل كبير وبأسعار تنافسية لن تلعب أبداً دوراً رئيسياً في توليفتنا من الطاقة. لكن على حافة صحراء موجاف، على بُعد حوالي ثلاث ساعات بالسيارة من لوس انجلوس يستقر عملاق نائم له القدرة على إنتاج عدة ميجاوات من الكهرباء النظيفة. تبزغ الشمس. حان وقت الشروق والسطوع. مرحباً في وصلة كرامر! وصلة كرامر هي أكبر وحدة طاقة شمسية في العالم تحتل مساحة تزيد على منتزة نيويورك المركزي. زاوية الشمس هي 8.5 ونحن في وضع 8 درجات. بنيت منذ عشرين عاماً استجابة لأزمة الطاقة في سبعينيات القرن العشرين، واليوم تنتج من الطاقة ما يكفي لتشغيل 150000 منزل فى منطقة لوس انجلوس الكبرى. تسمى وحدة حرارية شمسية، تستخدم وصلة كرامر المرايا لا ألواح السليكون لتحويل ضوء الشمس إلى كهرباء. إن شكل القطع المكافيء للمرايا هو المفتاح. كل صف من الأحواض اللامعة يتتبع حركة الشمس لكي يركز أشعتها الحارقة باستمرار على هذا الأنبوب المتوهج من الزيت المستحضر الآن، بينما هذه المرايا باردة بحيث يمكن لمسها إلا أن أنابيب HCE يمكن أن تصل إلى 750 درجة. ينساب الزيت شديد الحرارة إلى وحدة الطاقة حيث الأنابيب المختارة تمر خلال دَن (وعاء كبير) من الماء فتغلي في الحال، خالقة نفاثات من البخار المضغوط. يتوجه البخار إلى توربينات تولد الكهرباء تماماً كما تفعل وحدات الوقود الأحفوري. وليست هناك انبعاثات سوى فائض من البخار. نستخدم هذا بدلا من الوقود الأحفوري التقليدي لتوليد الكهرباء المرتبطة بالشبكة. فى صحراء موجاف وحدها هناك ما يكفي من أشعة الشمس لتشغيل كل لوس انجلوس وبقية الريف أيضاً، لكن وصلة كرامر هي مرفق الشمس الوحيد هنا. السؤال الواضح: أي المجتمعات هذه التي ستكون لديها إرادة للتخلي عن كمية من الفضاء المفتوح اللازم لتحقيق هذا؟  كما أنك لا بد أن تضيف إلى هذا متطلبات النقل للحصول على هذا الحقل الكبير من المرايا الشمسية المتصلة بالشبكة حيث المستهلكون. عندما تنقل الطاقة تخسر الطاقة وهذا بطبيعة نقلها خلال الأسلاك النحاس، كما أنها أيضا تكلف مالاً. من الأفضل دائما إنتاج الطاقة في مكان أقرب إلى حيث يحتاج لها وهذا ما تفعله ثاني أكبر محطة حرارية في أمريكا، إذ يجري بناؤها خارج سوق الكهرباء النهم مباشرةً والمعروف بلاس فيجاس. ومن ثم فهي ستتجنب بهذا نفقات النقل العالية التي تواجهها وصلة كرامر، ومن ثم سيقدر لها أن تصبح مصدراً هائلاً للكهرباء فى هذه المدينة التي تنمو بسرعة.
لكن مثل هذه الوحدات تحتاج إلي كثير من الشمس وقطع كبيرة من الأراضي، ومن ثم فإن مستقبل هذه الصورة من الطاقة الشمسية قد يكمن فقط في الرحاب المفتوحة من صحراء الجنوب الغربي، لبعض الملاحظين كل الطاقة الشمسية لها حدود حرجة تمنعها من أن تصبح مصدراً رئيسياً للكهرباء. فى أي مكان الشمس لا تسطع على الدوام  وحين لا تسطع الشمس لا تولد كهرباء وليست لدينا البطاريات بعد لتخزين الطاقة بشكل سليم. بدون القدرة على تخزين الطاقة التى تنتجها بالنهار تغرق الوحدات الحرارية الشمسية بالليل وتتوقف عن توليد الكهرباء. الطاقة الشمسية تكنولوجيا رائعة تماماً لأنواع عديدة من التطبيقات؛ تشغيل حاسبتك بحيث لا تحتاج إلى استبدال البطاريات وتشغيل الأشياء عن بعد، لكنها لن تشغل الولايات المتحدة ولن تقرب حتى من هذا. لكن دولا أخرى ليست على نفس القدر من اليقين.
في قيادتك على الطريق السريعة بألمانيا بسرعات تضمن لك أن تدفع غرامة لو كنت في أمريكا، يحفك نحت غريب على الطريق السريع. إنه جدار عظيم من الألواح الشمسية، وهذا الامتداد يغذي شبكة الطاقة في ميونخ. إنها طريقة ألمانيا للحصول على المزيد والمزيد من الطاقة المتجددة. تنتج الآلاف من الألواح الشمسية ملايين من الوات من الكهرباء، وهذا هو الرجل المسؤول بشكل كبير عنها.
نحن في أزمة طاقة هائلة جدا. الوقود الأحفوري ينفد وقد تسبب فى كارثة مناخية. الخيار الوحيد الحقيقي والواقعي هو الاستبدال العام للطاقات الأحفورية والذرية بطاقات متجددة. ظل هرمان شير المدافع الرائد في ألمانيا عن الطاقة المتجددة لأكثر من عقدين، وهو عضو قديم في البرلمان. في عام 2000 فاز شير بالدعم من أجل قانون الطاقة المتجددة القومي الذي يفرض على ألمانيا إنتاج 20% من كهربائها من مصادر متجددة بحلول عام 2020. رغم أن المعارضين يقولون إن هذا هدف مستحيل فإن الدولة قد تخطت الجدول وقد يكون باستطاعتها الوصول إلى 30% بالطاقات المتجددة بحلول 2020. فلماذا ألمانيا؟ وهى دولة لا تكاد تُعرف بسطوع الشمس فلماذا تطلع ألمانيا على القمر من أجل الشمس؟ الإجابة بسيطة: حوافز نقدية؛ من خلال قانوننا للطاقة المتجددة أعطينا كل منتج للطاقة الشمسية حتى مهما كان صغيراً ضمانا سعريا لكي يعطي طاقته للشبكة، وهذا يعني أنه باستطاعته أن يبيعها، فكل من يضع ألواحا شمسية سيحصل على خمسين سنتا لكل كيلووات ساعة من الكهرباء التى يبعثها إلي الشبكة، لكنهم يدفعون فقط حوالي عشرين سنتاً للكهرباء التي يشترونها من الشبكة، ومن ثم فإنه بنهاية الشهر يحصل مالكو الألواح ربحا طوال الوقت. ولم يأخذ هذا طويلا من الألمانيين لكي يتبينوا أن هذا جدير بالاستثمار، فإن باستطاعتهم أن يربحوا ومن ثم فقد بدأوا في تأجير الفضاء حتى على أسقف جيرانهم لتركيب الخلايا الضوئية الكهربائية وبحوافز الحكومة النقدية كل فضاء مفتوح قد أصبح فضاء مباحاً للألواح الشمسية بغض النظر عن من أو ماذا يعترض السبيل. وبما أن سعر الكهرباء ثابت لعشرين عاما فإن معظم مالكي الألواح سوف يجنون ثمار هذا الاستثمار بسهولة. وتتلقى الشبكة سيالاً هائلاً من الطاقة الشمسية الجديدة. حوافز الحكومة النقدية فى طريقها إلى ضم الجميع إلى ساحة العمل. مثل أسلافه من قبله قام هنرخ جارتنر بزراعة المحاصيل النقدية وتربية الحيوانات على مزرعة الأسرة. ثم منذ ثلاث سنوات أضاف شيئاً جديداً إلي المزيج: ألواح شمسية؛ عشرة آلاف منها تزود الطاقة لحوالي 1500 من المنازل المجاورة. لقد أقنع القانون الوطني للطاقة المتجددة مربي الخنازير هذا بأن يصبح منتجاً للطاقة.

كانت إحدى هواياتي اللعب بالكهرباء أو بشيء مثلها. لكن هوايتي هنا هي محطة طاقة. ننتج حوالي مليون كيلووات ساعة من الكهرباء هنا بالألواح الشمسية هذه. ومقدار المال كان بالنسبة للتركيب كله حوالي خمسة ملايين دولار أمريكي.

تطلب مجهودا كبيراً لإقناع البنك.
لكن جارتنر حصل على قرضه بسبب ضمانات الحكومة للسعر. لدينا سعر ثابت على مدى العشرين عاماً القادمة مضمون. وهذا يعني أن لدينا كل عام دخل مقداره حوالي خمسمائة وخمسون إلي ستمائة ألف دولار أمريكي. بعد سداد القرض والنفقات الأخرى سيكون ربح جارتنر أقل من ستين ألف دولار كل عام لذلك فهو لم يتخلَّ عن خنازيره بعد. لكن زراعته الشمسية لديها إمكانية أكبر بكثير.
أنا ما زلت فلاحا، ما زلت أربي الخنازير، لكن النهم للكهرباء أكبر حتى من النهم للطعام فى هذه اللحظة في ألمانيا. نستطيع أن ننتج هنا طاقة خضراء بحق. ليست هناك نفايات ذرية أو انبعاث لثاني أكسيد الكربون. نريد أن نظهر أنه من الممكن توليد كهرباء لا تسبب الكثير من الأشياء السيئة. هذه نقطة مهمة لأنني أريد أن أعطي مزرعتي فيما بعد لأولادي كما أعطاها أبي لي ولكن ماذا عن قاطني الشقق والمواطنين الآخرين الذين لا يملكون ألواحاً شمسية. كم هم راضون عن دعم الحكومة السخي للطاقة الشمسية. لدينا واحد من أعلى أسعار الطاقة فى العالم وهذا بحق مشكلة كبيرة للمستهلكين العاديين. عليهم أن ينفقوا كثيراً من دخل منزلهم على الكهرباء. ألمانيا كانت لها دائما أسعار عالية للكهرباء، حوالي ضعف الأسعار في أمريكا، وبرنامج الطاقة المتجددة الحكومي أضاف 15 إلى 20 دولار كل شهر لمتوسط الفاتورة ولكن حتى الآن لم تبدُ سوى معارضة طفيفة من الجمهور، ويعتقد هرمان شير أنه يعرف السبب. الأسعار أعلى قليلا من متوسط الدول الأخرى لكن الناس يعرفون أنه بهذه التكاليف الإضافية يسهمون مباشرة فى صناعة مستقبل نظيف للجميع، ومن ثم فإن 80% من الناس يقبلون ذلك. ودعم ألمانيا للطاقة المتجددة كان له تأثير مذهل على الاقتصاد. تفخر الدولة الآن بأن لديها صناعة شمسية مزدهرة أصبحت أثيرة للمستثمرين في جميع أنجاء العالم. هذه الوحدة وحدها فى الوادي الشمسي بألمانيا تنتج ما يقرب من مليون خلية شمسية كل أسبوع. في بضع سنين قليلة ستكون ألمانيا قد أصبحت رائدة العالم فى إنتاج الخلايا الشمسية. خلقت الصناعة مائة وسبعين ألف وظيفة جديدة، والإنتاج على نطاق واسع يخفض سعر القطعة للألواح الشمسية أكثر فأكثر، ومن ثم فإن مستقبل الطاقة الشمسية الألمانية يبدو مشرقاً، رغم أنه لا يزال لديه معارضون. بعض الناس ينظرون إلى ألمانيا ويرون أن الإعانات التى أغرقت بسخاء على الصناعة الشمسية قد أنتجت بنجاح صناعة كبيرة لإنتاج الشمس ويقولون: "انظر إنها تستحق." أقول كونوا حذرين فى الوصول إلى هذا الاستنتاج. فببساطة كون شيء قد بدأ لا يعني أنه تمكن استدامته ومواصلته. لكن بالنسبة لهيرمان شير الطاقة الشمسية ليست فقط مستدامة بل هي البديل الأفضل لدينا لأنواع الوقود الأحفوري.
يخلق الوقود الأحفوري مشاكل اقتصادية متزايدة للجميع رافعاً الأسعار فى نفس الوقت الذي ينضب الموارد كما يخلق صراعات سياسية وصراعات عسكرية. يخلق الوقود الأحفوري أضراراً بيئية وهذا يعني أن أطفالنا يدفعون ثمن طاقتنا، ومن أجل هذا الثمن ندمر البيئة، وهذا تناقض لا يمكن مواصلة السير فى اتجاهه.

في خلال العقدين التاليين يمكن لألواح ألمانيا الشمسية ومولدات الريح أن تزود ثلث كهرباء الدولة مما يقلل إجمالي انبعاث ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير. وعلى النقيض تحصل الولايات المتحدة حالياً على 1% فقط من طاقتها من الطاقة الشمسية وطاقة الريح.
هناك إجماع متنامٍ في واشنطن أن أمريكا يمكن أن تنتج المزيد من الطاقة المتجددة لكن حتى الآن ليس هناك تحرك لخلق برنامج حوافز قومي مثل برنامج ألمانيا. لكن هناك اتجاها يظهر وعداً حقيقياً هنا، وهو اتجاه لا تقوده الحكومة بل تقوده الشركات. سوق هول فودز فى ردج وود فى نيوجيرسى: بالنظرة العابرة يبدو وكأنه مثل أي هول فودز آخر، هو منظم ومشرق بالكثير من الطعام الرائع وبأسعار عالية "أهلا! هل تريد ورقاً أم بلاستيك؟" لكن هناك شيئا واحداً مختلفاً فى هذا المتجر بعينه. السقف مغطى بألواح شمسية تبدو مكلفة، لكن هول فودز لم تدفع سنتاً واحداً من أجلها. إنما تملكها شركة طاقة شمسية تدعى صن اديسون، مؤسسها ورئيسها التنفيذي هو جيجار شاه.
تساعد الشركات مثل هول فودز أن تتحرك باتجاه الطاقة الشمسية. صن اديسون ومستثمروها يدفعون كل النفقات للبداية بالنسبة لهذه الأنظمة الشمسية. وتعِد هول فودز بأن تشتري الطاقة عن طريق تعاقد طويل الأمد. جنيفار ماكدونال هو متخصص فى المهمة الخضراء في هول فودز، ونستخدم الكثير من الطاقات والطاقة الشمسية تشغل كل شيء فى هذا المتجر من الإضاءة إلى المقطعات والمبردات والمثلجات، كل ما يتطلب كهرباء حتى السجلات. لذا فإنه من المهم بالنسبة لنا أن ننظر إلى طرق لتوليد طاقة نظيفة وأن نكون على وعي بكمية الطاقة التي نستخدمها. الألواح الشمسية على هذا الملحق من المتجر لا تستبدل الطاقة من الشبكة. تنتج الطاقة الشمسية وحدها فقط 15% من ما يستخدمه المتجر على طول العام. لكنها تنتج بين 50 إلى 100 % من احتياجات الطاقة فى أثناء النهار، وهذا هو الوقت الذى تكون فيه الطاقة من شركة المرافق الأغلى ثمناً. وهذا يصدق بصورة خاصة فى الصيف.

في شهور الصيف عندما يكون كل هذا الطلب على تكييف الهواء خلال النهار- تعرف أن الحرارة 95 درجة مع 98 % رطوبة فى الخارج- لن تدفع سبعة سنت لكل كيلووات ساعة، إنما تدفع ما قد يبلغ 30 سنتا لكل كيلووات ساعة. في الصيف فواتير تكييف هواء هول فودز هي الأعلى عندما تضرب الشمس سقفها وهذا عندما تنتج ألواح الشمس أقصى قدر من الطاقة، ومن ثم فإنه فى ساعات الذروة تكون طاقة الشمس أرخص من طاقة الشبكة. وهناك مدخرات الطاقة الكامنة لهذا المتجر.

تتأرجح أسعار الكهرباء بتأرجح أسعار الوقود الأحفوري، ولأن معظم الخبراء يتوقعون أن ترتفع أسعار الوقود فإن صفقة صن اديسون لها فائدة مضافة لهول فودز.
إننا نضمن لهول فودز سعراً ثابتاً لعشرين عاماً من هذه الألواح الشمسية. وهذا أمر لا تستطيع أن تعدهم به شركة المرافق التقليدية. سيعتمد مقدار ما يمكن لهول فودز أن تدخره على مدى العشرين سنه التالية على تكلفة طاقتها التقليدية. لكن صن اديسون تعرف بدقة كم ستربحه من صفقة هول فودز. أنا أعرف بالضبط المدة التى ستعيشها هذه الألواح، وهي حوالي أربعين عاماً، ولأجل ذلك فإنه بناء على أسعار الفائدة فقط وبناء على تكلفة التركيب أستطيع أن أعرف بالضبط ما إذا كانت هذه النظم ستكون مربحة أو غير مربحة من اليوم الأول. إذا نظرت إلى الشركات مثل صن اديسون التي تساعد الباعة بالتجزئة على تركيب ألواح شمسية على أسقفها سترى فجأة صلة بين أسواق رأس المال التي كانت بصورة تقليدية غير مستعدة للدخول فى الطاقة الشمسية مع القطاع التجزيئي. هذه هى الكيفية التى تقوم فيها بعمل الأشياء فى أمريكا، تربط التكنولوجيا برأس المال، عندها يستحيل الخيال إلى أعمال والنظرية إلى مثال.
أو حيث تضرب الشمس اللوح.

لكن فى النهاية هل يمكن للمحلات الخضراء مثل هول فودز والشركات الابتكارية مثل صن اديسون أن تحدث فرقا حقيقياً. الشركات تستطيع أن تُحدث فرقا فى توليفة الطاقة فى بلدنا، وأعتقد أنه لا بد لهم لأن الرأسمالية هي ما بنيت عليه أمريكا، ونتوقع من الشركات والمقاولين أن يُدلوا بدلوهم ويأتوا بحلول للتحديات التي تواجهنا كدولة، والطاقة الشمسية أو أي طاقة متجددة بالنسبة لي هو الشيء الصواب للشركات لكي تنخرط فيه والأسواق العملاقة ليست وحدها المرشحة لتركيب ألواح شمسية كبيرة. بوجود كل الأبنية البلدية جميع مراكز التوزيع وجميع المدارس وجميع الأسقف المسطحة الكبيرة التي بكل مدينة نستطيع أن نمد ما بين 20 إلى 40 % من احتياجات الطاقة في ساعة الذروة التى تتطلبها المدينة الامريكية العادية. هناك تقنيات للأسقف الكبيرة من الممكن أن تولد المزيد من الطاقة الشمسية للشبكة الواحدة. من أكثرها تبشيراً هي الكساء الشمسي المرن الذى يستطيع تغطية مساحات كبيرة جدا، وأن يقدم مزيداً من الطاقة أكثر من الألواح التقليدية، ولكن المصفوفات الشمسية فوق الأسقف ليست فعالة جداً. حتى الآن أفضل الألواح والأكسية تحول 15% فقط إلى عشرين من أشعة الشمس إلى كهرباء، حوالي نصف كفاءة تحويل وحدة فحم. نود أن نكون قادرين على تحسين هذا. لذلك ظللنا نبحث عن كيفية استخدام موادّ أكثر تعقيدا لإنتاج خلية أكثر كفاءة. وعودة إلى المعامل القومية للطاقة المتجددة حيث تقود سارة كورتس فريقا يطور شيئا يسمى بالخلية الشمسية متعددة الوصلات. تبدو كنسخة مصغرة من خلية شمسية عادية، ولكن حتى في هذا الحجم الصغير هي أقوى بكثير لأنها تحتوي على عدة طبقات رقيقة جداً من الموادّ الممتصة للضوء.

يتجلى ضوء الشمس على هيئة نطاق من الألوان؛ كل لون له طول موجي من الطاقة مختلف. تمتص الخلايا الشمسية التقليدية السليكونية الطيف الأحمر فقط من أشعة الشمس، وبقية أحزمة الطاقة تصد. تستطيع أن تحسن من هذا إذا ما استخدمت نوعين مختلفين من المواد أو حتى ثلاثة أنواع مختلفة من المواد لكي تجعلها منغمة مع لون الضوء القادم.
تسمح الطبقات الإضافية للخلية بامتصاص أطوال موجية إضافية من الضوء بما يزيد كثيراً من فاعليتها.

إن إمكانية الخلايا متعددة الوصلات كمصدر للطاقة تَكَشَّفَ مؤخراً من بين كل الأماكن على المريخ، إذ إن المحلّقات الروبوتية التى تجوب الكوكب الأحمر قد أُسقطت أصلاً لكي تمكث ثلاثة شهور، لكنها لا تزال تعمل أكثر من ثلاثة أعوام بعد هبوطها الرهيب، بفضل الخلايا الشمسية متعددة الوصلات، لحد كبير، التي طورت فى معمل ساره كورتس.

لكن خلايا المتجولات تتكلف ملايين الدولارات لذلك فإنها ربما تكون على بعد سنين ضوئية من سوق المستهلك، والآن لا نجد نظاما قائماً على سقف يستخدم هذه الخلايا متعددة الوصلات. إذا كانت لديك خلايا متعددة الوصلات تستطيع أن تحصل على مزيد من الطاقة من الشمس. لكن الخدعة هي فى أن تحصل على طاقة تزيد على التكلفة الإضافية التى تتكلف لصناعة مجموعة إضافية من الطبقات فيها.

نحتاج إلى أن نأخذ هذه التراكيب النانوية وأن نضعها ....

يعتقد نيثان لويس من كالتك أن التقنية الشمسية لا بد لها أن تصبح أرخص بكثير قبل أن تُحدث تأثيراً جديا، ويأمل أن تساعده التقنية النانوية على عمل ذلك.

نحن نعمل على استخدام الأبنية النانوية والأنابيب النانوية والجسميات النانوية، حيث تعني نانو صغيراً جداً. أنا أحاول استخدام هذه المواد لأسر وتحويل وتخزين ضوء الشمس بطرق جديدة. لكن هذا ليس كل شيء. نريد أشياء رخيصة بحيث تستطيع معاملتها كدهان فى المنزل، وسوف تدهن سقفك أو تدهن منزلك به، ومن ثم فإنك ستخفّض حقا تكلفة الكهرباء الشمسية كثيراً.

هذه هى الكيفية التى قد يعمل بها الطلاء النانوي الذى صممه لويس. أولا تحتاج إلى أن تبسط طبقة من شيء للمساعدة على توصيل الكهرباء، لوح رقيق من البلاستيك بطلاء  من الألومنيوم سيؤدي المهمة. تحتاج أيضا إلى أسلاك فتوصل فى النهاية الكهرباء إلى المنزل. الآن أنت مستعد لاستخدام دهان لويس الشمسي. مكونه الأساسي مركب يسمى أكسيد التيتانيوم، وهو معالج فى أنابيب نانوية تنتحي نحو الشمس مثل نصال العشب.
ثاني أكسيد التيتانيوم هو مركب كيميائي شائع ورخيص، هو في معجون الأسنان. إنه صبغة فى الدهان الأبيض. إنه تلك الجسيمات الصغيرة.

وعندما تضرب فوتونات ضوء الشمس ذرات ثاني أكسيد التيتانيوم المفردة فإنها تحرر الكهارب، تماماً كما تفعل مع ذرات السيليكون فى أي خلية شمسية، وإذا وضعت طلاء نقياً مشحوناً شحنة موجبة على الدهان فإن الإلكترونات المتحررة والمشحونة شحنة سالبة ستبدأ فى التحرك إلى الأسلاك وإلى صناديق التحويل بحيث يستطيع الأطفال مشاهدة التليفزيون.

حتى الآن قام لويس باختبار كميات صغيرة فقط مما يسميه الخلايا القائمة على الصبغة فى المعمل. لكن النتائج مبشرة. الخلايا الشمسية القائمة على الصبغة الآن فى بعض عينات الاختبار الصغيرة فاعليتها 10% خلايا السيليكون الأفضل منها 20% فاعلية ومن ثم فإن أمامنا شوطا نقطعه، لكننا على قاب قوسين أو أدنى. هو لا يزال يحتاج إلى أن يوفر مادته السحرية بسعر أرخص ويريد أن يرى كيف ستصمد تحت ظروف الطقس الفعلية ولكن حتى عند 10% فاعلية فإن الدهان الشمسي سينتج مقداراً كبيراً من الكهرباء بأسعار منخفضة ومهاودة. أكثر الابتكارات الشمسية تبشيراً هي على بعد سنوات حتى تصبح عملية على أرض الواقع. لذلك فإن بعض الخبراء يعتقدون أن علينا أن ننتظر قبل أن نلتزم التزاما كاملاً بالطاقة الشمسية. لكن فى أعالى كلورادو روكيز يعيش خبير طاقة بارز يعتقد أن التقنية الشمسية التى لدينا الآن جيدة بما يكفي لوضعها موضع استخدام أكبر بكثير. تعالوا قابلوا امورى لوفنس. وراء محياه البسيط يختبيء ناقد شديد اللهجة لسياسة الطاقة فى الولايات المتحدة.
إن لدينا سياسة قومية للطاقة وهي بالأساس مواصلة تبديد الكثير من الطاقة واستيرادها بأي ثمن وبأي وسيلة ضرورية ومواصلة السرقة من أطفالنا ومواصلة تشويش المناخ. قد تعتقد أن هذه سياسة طاقة فارغة من المعنى ولا أخلاقية ومبددة وأنت محق.

لوفنس وهو فيزيائي من ناحية تعليمه يؤذيه كثيراً الأولوية القليلة المولاة لتطوير مصادر جديدة للطاقة. قد تقلص مقدار المال العام والخاص المتدفق على الأبحاث من أجل الطاقة عدة مرات فى الوقت الذى نحتاجه أكثر ما نحتاجه، ولا يزال يتقلص أكثر وهذا بالضبط هو الجنون. هو معروف عالمياً بأنه واحد من أكثر المفكرين إبداعاً فى استخدام الطاقة وإساءة استخدامها. تخزين الوقود أرخص من شرائه، إنه مربح. لذلك تقوم به الشركات الذكية على نحو مبالغ فيه لتحسين خطوط تغذيتها. أفكاره تساعد الشركات على ربح المال بأن تعمل بصورة أكثر فاعلية وهو لا يستحي من التصريح بهدفه النهائي. مشروعة الأكبر هو مساعدة الولايات المتحدة على الاستغناء تماماً عن النفط بحلول الأربعينيات. أحد الأسباب التى تجعل لوفنس واثقا من تغير مستقبل طاقتنا هو ما فعله هنا فى بيته هو. هناك بالفعل نظامان مختلفان للكهرباء الشمسية ومجموعة من البطاريات الصينية من النيكل والحديد التى تخزن الكهرباء للإنارة والاستخدامات الأخرى بالليل. لدينا مقياس واحد للكهرباء التى نشتريها وآخر للكهرباء التى نبيعها ويرسل لنا المرفق شيكا لهذا. ولا نخسر حرارة كثيرة لأن البناء معزول عزلاً فائقاً، وبالنسبة للنوافذ فهي تواجه أكثر وأكثر الجنوب. لا شك أن علماء الآثار سيستنتجون أن هذا كان معبدا لطقس شمسي بدائي وأعتقد أنه يكاد يكون صحيحاً. كل شيء فى المنزل فعّال من ناحية الطاقة، حتى القدور والمقالي لا يزال ساخنا جداً. وقد قام بتصميم شامسيوم يستخدم الشمس فى كل ما هى جديرة به. هنا في وسط المنزل منطقة أسميها الغابة. حصدنا هنا ثمانية وعشرين محصولاً من الموز والمانجو والبابايا والإسكدنيا وثمرة زهرة الآلام والأعناب. حصلنا على اجوانا طولها متر تعلمنا كيف تطورت السحالي وقنفذ قزم افريقي صغير يتجول بالليل ويأكل الحشرات. إنه حقا شيء ممتع أن يكون لديك فى وسط منزلك خاصة عندما يكون يتسلى فى الخارج وتأتي وتمسك وتقبض على قطعة طماطم حين تستدير هنا نحصد الحرارة والضوء والهواء الساخن والماء الساخن والتمثيل الضوئي. يعي لوفنس كل الوعى بما تستطيع الطاقة الشمسية أن تزوده حتى فى الصورة الخام وهو راضٍ لأن كثيراً منا فى النهاية أخذوا يحذون حذوه. الطاقة الشمسية هى أسرع مصادر الطاقة نمواً في العالم. في 2005 كانت صناعة عالمية مقدارها 38 مليار دولار وهي تنمو 10% كل عام. ومن ذلك يبدو أن الثورة الشمسية تقع على الأرض فى النهاية. هذا يصدق بصورة خاصة على مليارين من البشر الذين لم يكونوا يحصلون على كهرباء الشبكة أو لم يكونوا يحصلون سوى على القليل من كهرباء الشبكة فى جميع أنحاء الهند وآسيا وإفريقيا. الاف القرويين يبدأون في استخدام الألواح الشمسية غير الغالية لشحن البطاريات أو المصابيح الكهربائية لكي يقوموا بأشياء بالليل كانت من قبل صعبة أو خطرة.

هنا فى العالم النامي، الطاقة الشمسية تقدم فرصاً جديدة للتعليم والتطوير الاقتصادي وتزويد الكهرباء التي تستطيع أن تساعد المجتمعات على التحديث بالطاقة المتجددة بدلاً من الوقود الأحفوري.

في الولايات المتحدة تقود كاليفورنيا حملة من أجل مزيد من الطاقة المتجددة. حتى إن هناك خطة لوضع ألواح شمسية على مليون سقف.

ولكن على مستوى الدولة، على الطاقة الشمسية، حتى فى اتحادها مع الطاقات المتجددة الأخرى، أن تحرز مقدار مئوياً أكبر بكثير من توليفة الطاقة الحالية، ربما بمقدار 20 إلى 30% على مدى العقدين التاليين إذا أردنا أن ننقص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير. إذن هل هذا هدف واقعي؟ تنتج الطاقة الشمسية وطاقة الريح معاً أقل من 1% لا أعتقد أنه فى العشرين أو الخمسة وعشرين عاماً ستكون 20% لا أرى منحنى لنمو مثل هذا.

أعتقد أنه شبه يقين أنه بحلول 2025 ربما نكون نحصل على 25% من كهربائنا من الشمس. هذا واقعي. هذا ليس أمرا خيالياً.

بمثل هذه المناظير المتطرفة من الصعب أن نتنبأ أين ستكون توليفتنا من الطاقة أو كوكبنا فى عشرين عاماً. ولكن إذا انتظرنا حتى حينها، ورأينا ما لا نحب هل سيكون قد سبق السيف العذل وفات الأوان؟
عندما صرتُ أباً، بدأت أقلق حقاً بشأن البيئة وشكل البيئة. وبكل ما هو في الأخبار، شعرت فقط "ما الذي يرثه ابني؟ يا إلهـي، إننا نخلق فوضى من كل هذا." وعدت بذاكرتي إلى السبعينيات، أيها الرجل، لو أن كل واحد بدأ في تركيب ألواح شمسية عندها لكنا فى حال أفضل حقاً بالنسبة لمستقبل كوكبنا.