Thursday, November 11, 2010

و م 11 مقبرة رمسيس الثالث

ربما كان الدخول إلى و م 11 ممكناً فى الماضى غير الموغل فى القدم لكن غياب المخربشات اليونانية أو اللاتينية داخل المقبرة يوحى بأنه كان مختنقاً بالحطام حتى عهد متأخر فى القرن الثامن عشر. ثم على الأقل قام الرحالة الأوروبيون بزيارة غرفها الأمامية ومنهم جيمس بروس الذي رأى المقبرة فى 1769 وفي 1790 قام بنشر رسم مفرط فى الخيال لعازف هارب مصوراً على جدار الغرفة الجانبية ج د  ولقد لاقى رسمه قبولاً شعبياً فى بريطانيا ومن ثم أصبحت و م 11 تعرف بمقبرة بروس أو مقبرة العازف، وصارت واحدةً من أشهر الآثار فى وادي الملوك ولكن رغم شهرتها لم ينظف معظم المقبرة إلا فى عهد متأخر من القرن التاسع عشر.
واليوم تعد مقبرة رعمسيس الثالث واحدة من أكثر المقابر تمتعاً بالزيارة فى الوادي، ونتيجة لذلك قد تكون مزدحمة وساخنة عندما يملأ الزوار ممراتها كما يفعلون في ساعات منتصف الصباح أيام الآحاد والجمع (عندما تصل مراكب كروز نيل من أسوان فى الأقصر وتأتي الحافلات بالزائرين ليوم واحد من البحر الأحمر). وإذا استطعت أن تحتمل الجماهير فهناك بعض النقوش الساحرة والرسوم التي يمكن رؤيتها.
كان الجزء الأول من المقبرة من مدخلها إلى الممر د 1 من عمل ست ناخت أول ملوك الأسرة العشرين. ولكن عندما اقتحم العمال عن غير قصد المقبرة المجاورة            و م 10 (مقبرة أمنمسس)، ربما فى نفس الوقت الذي توفي فيه ست ناخت ترك العمل ودفن الملك فى و م 14 بدلاً منها. وفى وقت لاحق استأنف ابن ست ناخت رعمسيس الثالث العمل على و م 11 واستولى عليها كمدفن له. وقد حول عماله محور المقبرة حوالي مترين (7 أقدام) غرباً من أجل تفادي و م 10 وواصلوا الحفر في الجبل. والنتيجة كانت واحدة من أطول المقابر فى الوادي .. و م 11 تمتد 188.11 متر (611 قدم) من المدخل إلى النهاية، ولا يفوقها فى الطول سوى و م 20 مقبرة حتشبسوت .. 210 متر ( 682 قدم). أضاف رعمسيس الثالث أيضاً سلسلة من الغرفات الجانبية الصغيرة تنشعب عن الممرين الأولين للمقبرة وهى ملامح لا نجدها فى أى مكان آخر. زعم العالم الإنجليزي الذي عاش فى القرن التاسع عشر جون جاردنر ويلكنسون أنه تحت كل الأرضيات فى هذه الغرف كانت هناك حفرة دفن فيها رمسيس الثالث مسئول البلاط وهذا التصريح العجيب لم يمحص كاملاً أبداً ولكن عندما قام مشروع الرقمنة الأقصري بمسح المقبرة فى 1983 قام بفحص أرضيات العديد من الغرف الجانبية ولم يجد دليلاً على الحفر والأرجح أن الغرف الجانبية كانت بمثابة مخازن صغيرة للمعدات الجنازية وأمتعة المقبرة.
المدخل اليوم يتأتى الدخول إلى المقبرة عبر زوجين من السلالم على شكل حرف L  وليس هناك من جزء أصلي سوى التأليف السفلي من منحدر ودرجة؛ أما السلالم العلوية فقد أضيفت فى 2003 لحماية المقبرة من الفيضان. نجد القرص الشمسي العادي بجعران ورع حوراختي منحوت داخله فوق البوابة. وبصورة فريدة نقشت الجدران الجانبية للمدخل بصورة جميلة ببلاستر برأس بقرة.
الممر ب على الجدار الأيسر (الشرقي) يقف الملك أمام رع حوراختي من ورائه المنظر الافتتاحي- صفحة العنوان "لأنشودة رع يتبعها نصها الذي يمتد على طول هذا الجدار ويستمر على اليمين. هذه المناظر قد أنجزت من أجل ست نخت. على كل جانب من الممر بالقرب من نقطة منتصفه بابان منخفضان يؤديان إلى غرف صغيرة وهذه نحتت وزخرفت من أجل رمسيس الثالث. فى الغرفة الجانبية على اليسار والمخصصة والمعرفة ب أ على الخطة يصور سجلان مناظر الحياة اليومية .. الخبازين وصانعي الجعة والجزارين والطباخين وصانعي الجلود يقومون بحرفهم. مثل هذه المناظر فريدة فى مقبرة ملكية صورها مرسومة بنسب سيئة وبأسلوب يتسم بالعجلة يمكن أن نراها أيضاً فى مقابر الخاصة من نهاية الدولة الحديثة. على الجانب الآخر من الممر غرفة جانبية أخرى ب ب بها نصوص من أنشودة رع على جدرانها الأمامية. على الجدران الأخرى اثنى عشر مركباً شراعياً كل منها بأشرعة مربعة بأنماط تفصيلية.
الممر ج وغرفاته الجانبية تتواصل أنشودة رع على جدران هذا الممر وفي صف من النصوص التى تزين سقفه عبر قمة الجدران اليسرى واليمنى أربعة وسبعون صورة للإله الشمسي. الفصل 151 من كتاب الموتى يظهر بالقرب من نهاية الجدران كما تظهر صور أنوبيس وإيزيس على (الجدار الأيسر) وأنوبيس ونفتيس على (الجدار الأيمن).
هناك ثماني حجرات جانبية منحوتة فى جوانب هذا الممر الطويل كل منها يزدان بمناظر غير عادية وفي أحيان كثيرة فريدة، العديد منها يحتوى على تلميحات إلى كتاب الموتى لكن الأخرى ليس بها صلة دينية واضحة. سأصف الغرفات من اليسار إلى اليمين ومن الأمام إلى الخلف. (فى معظم الحالات سأهمل وصف الجدران الأمامية من الغرف التي لا يستطيع السياح رؤيتها لأن الدرابزين الخشبي وألواح الزجاج قد ركبت فى الممر. (الأول على اليسار الغرفة ج أ) فى السجل العلوي تشخيصات جالسة لفيضان النيل والمحصول (حابى نبرت و رينينوتت). أسفلهم وفي سجل تالف تلفاً شديداً أرباب النيل يقربون القرابين لأرباب على هيئة كوبرا. عبر الممر فى ج ح صفوف من الأعلام تمثل الأرباب العديدة تقف على الجدران اليسرى واليمنى تغطى أسلحة مرسومة رسماً جيداً وجعاب سهام.

الجدار الخلفي. فى ج ب الغرفة الجانبية الثانية على اليسار مواكب أرباب النيل تملأ السجل السفلي فوقها أرباب وربات الأقليم يحملون القرابين بما فى ذلك بط مرسوم رسماً رائعاً وأزهار وصحون متراكمة بجميز مثلوم.
ج ز له جلد نمر وجلود أخرى ومزالج وصناديق على جداره الأيسر لاحظ العناية التى أولاها الفنان لإظهار حبوب الخشب حتى إنه ضمن العقد العرضية والشوائب الأخرى على سطحه عصير والأقواس والدروع والزهريات وبعض التصاميم الإيجية تقف فى صفوف. على الجدار الخلفي الجدار الأيمن مرسوم بعشرة أنياب عاج وصفوف من الزهريات.
في ج ج الغرفة الجانبية الثالثة على اليسار سجلان يحفلان بالأبقار والثيران والمجاديف المقدسة كلها مذكورة فى الفصل 148 من كتاب الموتى. واحدة من الماشية تشار إليها بـ " الأكثر حباً حمراء الشعر،" والثور زوج الأبقار" المجاديف تدعى بمجاديف القيادة السماوية. وعلى مقربة من هذا فى ج و ثلاث سجلات تصور حقول يارو المذكورة فى الفصل 110 من كتاب الموتى الناس يزرعون الحبوب ويحرثون بالماشية ويحصدون وآخرون يبحرون عبر بحيرة القرابين. لسوء الحظ قد دمر الكثير هنا. الغرفة الأخيرة على اليسار ج د تقدم أسماء رعمسيس الثالث وتظهره مع عازفي الهارب (واحد على كل جدار جانبي) أمام أونوريس – شو ورع – حوراختى (الجانب الأيسر) وشو وآتوم (على اليمين) هؤلاء عازفو هارب مشهورون نسخهم جيمس بروس فى القرن الثامن عشر. أخيراً ج هـ  بها صور مرسومة رسماً دقيقاً ولكن تالفة لأوزوريس جالساً وهو يرتدثي ثياباً ضافيةً مخططة بالأحمر والأبيض.
الممر د 1 هي هذه النقطة التي عندها قام عمال محجر ست ناخت باقتحام مقبرة أمنمسس والتخلي عن عملهم، ولا نزال نستطيع رؤية الثقب الحاصل، وهذا ليس المثال الوحيد في وادي الملوك لتصادم المقابر (وم 9 و وم47 مثالان آخران)، وحقيقة أن هذا قد وقع توحي بأنه لم تكن هناك خطة عامة لوادي الملوك وأن الذاكرة التى تعي مواقع المقابر الأولى كانت قصيرة الأمد. عندما قرر رعمسيس الثالث أن يكمل و م 11 كمكان لدفنه كانت هذه هي النقطة التي عندها غيَّر محور المقبرة غرباً قبل مواصلة حفر ممرات جديدة جنوباً. على الجدار الأيسر (الشرقي) من الفضاء الحاصل حتى ذلك الحين يقف رعمسيس الثالث مرتدياً تاج مصر الدنيا يقرب البخور للإله آتوم وبعد ذلك لبتاح. على الجدار الأمامي يقدم الملك الواقف بخورا أمام صورة جالسة لبتاح – سوكر – أوزوريس هو يمسك بثلاثة أوعية ضافية ويسمح بمحتوياتها لأن تنسكب على منصة منخفضة عليها يجلس الإله. على الجدار الأيمن (غرباً) يقدم الملك التُميثيل الصغير لماعت إلى أوزوريس وقرباناً سائلاً لأنوبيس.


الممر د 2 لاحظْ كيف أن الأرضية ترتفع قليلاُ هنا ويميل الممر بزاوية طفيفة إلى اليسار. هى إشارات إلى أن عمال المحجر لم يكونوا واثقين من القرب الشديد من مقبرة أمنمسس. كلا الجدران اليسري واليمني من الممر مزخرفة بنصوص من الأمدوات؛ الساعة الرابعة على الجدار الأيسر والخامسة على الأيمن لاحظ أنه في منتصف الطريق على طول الجدار الأيسر القارب ثعباني الشكل وبعده ثعبان كبير بأربعة أرجل وثلاث رؤوس، على الجدار الأيمن يُسحب قارب يحمل رع حوراختى وثمانية صور أخرى نحو العالم الأخر.
الغرفة هـ غرفة البئر بها صور لعدة أرباب على طول الجزء العلوي من جدرانها. في نصف الغرفة الأيسر يقف أوزوريس وام سيتي وأنوبيس ودواموتيف وإيزيس ويونوموتيف. فى النصف الأيمن يقف أوزوريس وحابى وقبح-سنو-إف ونفتيس وسرقت ويون موتيف.
الغرفة و هذه الغرفة الرباعية الأعمدة مزخرفة بكتاب البوابات، الساعة الخامسة في النصف الأيسر (الشرقي) من الغرفة، الساعة السادسة فى الأيمن (الغربي). على الجدار الخلفي منظر مزدوج مألوف يُظهر الملك وهو يقدم القربان لأوزوريس. يقدم رعمسيس الثالث إلى عدة أرباب على كل وجه من الأعمدة الأربعة .. إلى بتاح (الوجه الأيمن من العامود الأمامي الأيسر) ، رع حوراختى (الوجه الخلفي من العامود الأيسر الأمامي) ، خبري (الوجه الأيسر من العامود الأمامي الأيمن)، آتوم (على الوجه الخلفي من العامود الأمامي الأيمن)، جحوتي (الوجه الأيمن من العامود الخلفي الأيسر)، جب ( الوجه الخلفي من العامود الخلفي الأيسر) ، شبسي (الوجه الأيسر من العامود الخلفي الأيمن)، نفر توم ( الوجه الخلفي من العامود الخلفي الأيمن).

الغرفة الجانبية و أ بها مناظر تميز زخارف وم 11 الساطعة. على الجدار الأمامي يقوم جحوتى وحورس بقيادة رعمسيس الثالث (على الجانب الأيسر) ويقدم ماعت لأوزوريس (على اليمين). تُظهر الجدران الأخرى الساعة السابعة من كتاب البوابات وتتضمن صورا صغيرة لطيفة لرجال يعالجون مناجل أو يقفون بجانب أشجار يضمنون الزاد المتواصل فى الحياة الأخرى.
على الجدار الخلفي أعداء الرب الشمسي مقيدون بـ "أوتاد جب" "الأسود ذي رأس أنوبيس بحيث لا يستطيعون تهديد الرب".
الممرات والغرف J- H-IJ  الغرف الجانبية JA DK و L لا نجد غرفة واحدة من هذه الغرف محفوظة بصور تكفي لكى يستحق وصفاً تفصيلياً. فى الأصل كانت بها مناظر ونصوص من شعيرة فتح الفم، كتاب الموتى الفصل 148، كتاب البقرة السماوية والساعة الخامسة من كتاب البوابات. الممرات تستحق نظرة إذا كان المرء مهتماً بجيولوجيا وادي الملوك ويريد أن يرى كيف يمكن أن تصل القاعدة الصخرية إلى حالة سيئة وأحياناً خطيرة فى الوادي.

No comments:

Post a Comment